Page 23 - merit 51
P. 23

‫‪21‬‬            ‫إبداع ومبدعون‬

              ‫رؤى نقدية‬

‫فؤاد التكرلي‬                 ‫سعد محمد رحيم‬                 ‫أما الختام‪ ،‬فلم يحتكره السارد‪ ،‬وترك للقراء والقارئات‬
                                                            ‫تخيل النهاية أو وضع النهاية بالأحرى‪ ،‬فقد حكى عن‬
  ‫وتدللها وجمالها الفاتن‪ ،‬ولكنه إرواء دون شبع‪ ،‬إرواء‬
   ‫يقود صاحبه إلى عالم أنثوي صاخب‪ ،‬لامرأة تتلاعب‬               ‫عاشقة كالجان‪ ،‬صاغ معه هذه الرواية (ص‪.)234‬‬
  ‫بالرجل ولا تشبع من أحدهم‪ ،‬ولا تعرف معنى للحب‪،‬‬                ‫عنوان الرواية «ظلال جسد‪ ..‬ضفاف الرغبة» معبر‬
  ‫وإنما تتلذذ بالأجساد الرجالية التي تقعي أمامها تطلب‬        ‫عن عالمها السردي بالفعل‪ ،‬فالبطل راكض خلف حبه‬
   ‫رضاءها‪ ،‬وتسعد بعيون الرجال التي تترصدها أينما‬             ‫المتيم‪ ،‬غير قادر على التحرر منه‪ ،‬إلا أن العنوان أميل‬
   ‫ذهبت‪ ،‬وتصفها بنعوت واحدة‪ .‬وإذا أضيف «العطار»‬               ‫إلى الروايات ذات المنحى التجاري‪ ،‬الذي يغزو قراءه‬
  ‫إلى رواء‪ ،‬سنجد أن ثمة عط ًرا يفوح منها في حضورها‪،‬‬       ‫ويجذبهم من خلال عنوان مثير‪ ،‬فالجسد والرغبة لفظان‬
  ‫ويظل في أنف الرجل‪ ،‬لا يغادره‪ ،‬لأنه عطر فريد اختلط‬         ‫يشيران إلى محتوى روائي حت ًما سيشمل إشارات إلى‬
                                                              ‫ما يفضله القراء خاصة الشباب والمراهقين وعاشقو‬
                                     ‫بجسد فاتن‪.‬‬
      ‫الأسلوب فصيح‪ ،‬به هنات لغوية ونحوية متناثرة‬                                             ‫روايات الحب‪.‬‬
 ‫تعالج بالمراجعة الدقيقة‪ ،‬ولكنه جاء متوائ ًما مع السرد‪،‬‬        ‫وفي هذا الصدد‪ ،‬نذكر تحفظنا على عدد من المقاطع‬
‫واستطاع نقل الأحداث‪ ،‬وتشويق القارئ‪ ،‬كما أن الحوار‬          ‫السردية التي بها إشارات جنسية وتفصيلات فاضحة‪،‬‬
‫مكثف‪ ،‬موظف في بنية السرد‪ ،‬خاصة عندما يقص المتكلم‬              ‫وكان يمكن التلميح وهو يغني عن التصريح كما في‬
  ‫على سامعه علاقته مع رواء‪ ،‬هذا الكائن الغامض‪ ،‬الذي‬         ‫(ص‪ ،)20 ،19‬خلال اختلائه برواء‪ ،‬وكذلك في لقاءاته‬
‫دارت حوله الكاميرا القصصية والرجال والنساء‪ ،‬أصيب‬
 ‫بعضهم بالجنون‪ ،‬وبعضهم تخبط في الحياة دون هدي‪.‬‬                                                 ‫مع نيرمين‪.‬‬
  ‫إنها رواية شيقة‪ ،‬وحتما ستكون فيل ًما سينمائيًّا شي ًقا‬   ‫من الشخصيات التي تغذي الرواية‪ ،‬وتظهر في مجريات‬
   ‫لأنه عن العالم المفضل عند الكثيرين عن المرأة الفاتنة‪،‬‬
‫التي تشبه صوفيا لورين‪ ،‬ولها نظرات شهوانية‪ ،‬وجسد‬             ‫السرد‪ ،‬ضمن لقاءات علاء وعلاقاته شخصية صديقه‬
  ‫يشعل الرغبة‪ ،‬وفوق ذلك من يعشقها يصبح معلَّقا في‬         ‫المقرب «حمدي»‪ ،‬زميله من مراحل الجامعة الأولى‪ ،‬ع َّرفه‬

                                         ‫حبائلها‬            ‫على ليالي الأنس والنساء والشراب والمتعة‪ ،‬وع َّرف على‬
                                                             ‫شخصية أم تغريد‪ ،‬تلك المرأة التي جعلت بيتها ملا ًذا‬
                                                            ‫لطلاب المتعة (ص‪ ،)65‬وهناك الدكتورة حنين أستاذة‬
                                                           ‫النقد الحديث التي جذبته‪ ،‬ويتساءل إن كانت تصلح أن‬
                                                              ‫تكون بديلة عن رواء العطار (ص‪ ،)82‬بالإضافة إلى‬
                                                              ‫أم تغريد ونيرمين وأبي المثنى وأبي غسان‪ ،‬ونوافل‬
                                                          ‫الحاج رشيد‪ .‬لقد اكتشف من خلالهم عالمًا سر ًّيا غام ًضا‬
                                                          ‫تتحكم فيه الرغبات الشبقية‪ .‬وكانت حنين حبه الحقيقي‬
                                                           ‫الذي جاء بعد لأى‪ .‬المؤلف لديه خبرة جمالية في السرد‪،‬‬
                                                            ‫متراكمة من قراءاته العديدة للأدب العربي والأوروبي‬
                                                              ‫والتركي والروسي الذي ذكر أشهر رواياته في ثنايا‬

                                                                                                   ‫السرد‪.‬‬
                                                            ‫وعندما نتأمل دلالة اسم «رواء العطار» نجد أنه يطلق‬
                                                            ‫على «الفتاة الحسنة المنظر في ماء الوجه»‪ ،‬وبفتح الراء‬
                                                            ‫يعني‪ :‬الماء الكثير المُ ْروي‪ .‬فالدلالة على شقين متصلين‪:‬‬
                                                          ‫للمرأة الجميلة المشبعة في صفاء الوجه ونضارته‪ ،‬وأي ًضا‬
                                                            ‫هي الماء الكثير الذي يروي الأرض أو الإنسان إذا نهل‬

                                                                                                     ‫منه‪.‬‬
                                                          ‫ودلالة الاسم في العالم السردي للرواية مختلفة‪ ،‬فالبطلة‬

                                                              ‫بالفعل تروي‪ ،‬وتشبع من يتعلق بها بغنجها ودلعها‬
   18   19   20   21   22   23   24   25   26   27   28