Page 224 - RAYA 43 small 1
P. 224

‫يحتل مو�وضع الإرهاب حيزاً كبيراً من اهتمام فقهاء القانون الدولي والقانون‬                        ‫المسؤولية‬
‫الجنائي لما ت�شكله هذه الظاهرة من خطر ج�سيم على المجتمع‪ ،‬ف�لاض عن �أن الدول لم‬                 ‫الدولية تجاه‬
‫تعد تتفق فيما بينها على تحديد مفهوم واحد ل إلرهاب‪ .‬فالتوازنات الدوليـة المتغيرة‬
‫أ�فـرزت تناق�ضات في و�ضع تعريف محدد لهذه الظاهرة ب�سبب تباين م�صالحها‪ .‬ففي‬                        ‫مكافحة‬
‫وقت الحرب الباردة كانت الدول الغربية ترف�ض ا إلقرار بحق تقرير الم�يرص لل�شعوب‬                  ‫إرهاب ما بعد‬
‫الواقعة تحت نير الا�ستعمار لما يمثله ذل�ك من تهديد خطير يفقدها م�صالحها‪.‬‬
‫وهكذا غابت المعطيات واختلفت المفاهيم وزاد العنف‪ ،‬خا�صة بعد أ�حداث ‪� 11‬سبتمبر‬                     ‫«داعش»‬
‫‪ 2001‬بحيث �أقدمت الإدارة الأمريكية على �إ�شاعة �أوهام وافتعال أ�حداث بحثا عن عدو‬
                                                                                                      ‫د‪ .‬ياسمين صالح‬
                                                   ‫يليق بمكانتها‪.‬‬
                ‫الإرهاب في نظر القانون الدولي‬                                                                        ‫‪224‬‬
‫إ�ن جهود المجتمع الدولي من أ�جل مكافحة الإرهاب لج�أت إ�لى عقد اتفاقيات تعني‬
‫بتجريم أ�فعال محددة على أ�نها ت�شكل إ�رهابا دوليا‪ ،‬وتفر�ض التزامات محددة على‬
‫ال�دول الموقعة لمكافحة هذه الجرائم وتقديم مرتكبيها إ�لى المحاكمة‪ .‬غير �أن هذه‬
‫الاتفاقيات لم تميز بين الإره�اب وعدد من الجرائم‪ .‬ولقد ثابرت الأمم المتحدة في‬

                     ‫إ�طار جهودها لمكافحة الإرهاب على و�ضع عدة اتفاقيات‪.‬‬
               ‫موقف الأمم المتحدة من ا إلرهاب‪:‬‬
‫لقدن�صتا ألممالمتحدةعلىمجموعةمنالاتفاقيات‪،‬ودعتالدول إ�لىالت�صديق‬
‫عليها‪ .‬وذلك عن طريق هيئاتها‪ .‬ومن هذه الاتفاقيات اتفاقية طوكيو ل�سنة ‪،1964‬‬
‫الخا�صة بمكافحة الجرائم‪ ،‬وبع�ض الأعمال ا ألخ�رى المرتكبة على متن الطائرات‪،‬‬
‫واتفاقية لاهاي ل�سنة ‪ ،1970‬المتعلقة بمكافحة الا�ستيلاء غير الم�شروع على الطائرات‪،‬‬
‫واتفاقية مونتريال ل�سنة ‪ 1971‬المتعلقة بالأعمال غير الم�شروعة الموجهة �ضد �سلامة‬
‫الطيران الم�دني‪ ،‬واتفاقية منع الجرائم المرتكبة �ضد الأ�شخا�ص المتمتعين بحماية‬
‫دولية‪ ،‬بمن فيهم الموظفون الدبلوما�سيون‪ ،‬والمعاقبة عليها‪ ،‬واتفاقية نيويورك ل�سنة‬
‫‪ 1979‬لمناه�ضة أ�خذ الرهائن‪ ،‬واتفاقية ‪ 1980‬المتعلقة بالحماية المادية للمواد النووية‪،‬‬
‫واتفاقية ‪ ،1988‬المتعلقة بقمع �أعمال العنف غير الم�شروعة في المطارات التي تخدم‬
‫الطيران الم�دني‪ ،‬واتفاقية ‪ 1988‬لقمع الأعمال غير الم�شروعة الموجهة �ضد �سلامة‬
‫الملاحة البحرية‪ ،‬واتفاقية ‪ 1991‬لتمييز المتفجرات البلا�ستيكية بغر�ض ك�شفها‪،‬‬
‫وقرار الجمعية العامـة رقـم ‪ 165/52‬ل�سنة ‪ 1997‬لقمع الهجمات الإرهابية بالقنابل‪،‬‬
‫والاتفاقية الدولية ال�صادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم ‪ 109/54‬ل�سنة‬
‫‪ ،2000‬المتعلقة بقمع وتمويل ا إلرهاب‪ .‬وال�س�ؤال الذي يمكن طرحه هو‪ :‬هل �أن الإرهاب‬
‫الدولي ي�شكل جريمة دولية أ�م لا؟ ل إلجابة عن هذا الت�سا�ؤل‪ ،‬يجدر بنا الرجوع �إلى‬
‫النظام الأ�سا�سي للمحكمة الجنائية الدولية‪ ،‬حيث ن�صت المادة ‪ 20‬على أ�نه‪« :‬لا جريمة‬
‫إ�لا بن�ص» كما‪« :‬لا ي�س أ�ل ال�شخ�ص جنائيا بموجب هذا النظام ا أل�سا�سي ما لم ي�شكل‬
‫ال�سلوك المعني‪ ،‬وقت وقوعه‪ ،‬جريمة تدخل في اخت�صا�ص المحكمة» غير أ�نه يمكننا‬

                                ‫البحث عن تجريم الإرهاب ب�صفة عامة‪.‬‬
               ‫ا إلرهاب وت�شريعات الدول الكبرى‬
‫اعتمدت دول ال�ع�الم في قوانينها الداخلية خطر الإره��اب‪ .‬فقد ع�دد القانون‬
‫ال�بري�ط�اني‪ ،‬الإره��اب ب� أ�ن�ه‪« :‬ك�ل فعل يق�صد ب�ه ال�ت� أ�ث�ير على الح�ك�وم�ة �أو �إخ�اف�ة‬
‫عامة النا�س �أو �شريحة محددة منهم وذلك بدافع تحقيق هدف �سيا�سي �أو ديني �أو‬
‫�أيديولوجي‪ ،‬والأفعال التي تت�سبب ب�ضرر فادح للملكية وتهدد حياة �شخ�ص غير ذلك‬
   219   220   221   222   223   224   225   226   227   228   229