Page 250 - ميريت الثقافية العدد 24 ديسمبر 2020
P. 250

‫العـدد ‪24‬‬                            ‫‪248‬‬

                                     ‫ديسمبر ‪٢٠٢٠‬‬

   ‫من القلاع الإغريقية‪ ،‬أشهرها‬             ‫بالجبل بأكمله‪ ،‬ثم شرعوا‬                                  ‫دامية‪.‬‬
   ‫أكروبول أثينا أو «قلع ُة َأثينا»‬       ‫في إقامة البيوت المكونة من‬
   ‫التي لا تزال آثارها قائمة إلى‬        ‫طابق واحد على منحدر التل‪،‬‬            ‫أربعون رج ًل أعادوا‬
                                           ‫قبل أن تضاف إليه طوابق‬               ‫الحياة للواحة‬
     ‫اليوم‪ .‬وف ًقا لتاريخ اليونان‬       ‫أخرى صعو ًدا إلى قمة الجبل‪.‬‬
     ‫القديمة‪ ،‬كان الأكروبوليس‬                                                    ‫عاشت واحة سيوة فترات‬
    ‫يحتوي على المعابد الرئيسية‬              ‫استمر ُبناة القلعة بتعلية‬        ‫طويلة مشتعلة ومتوترة نتيجة‬
                                       ‫البيوت مستخدمين طبقات من‬             ‫للاعتداءات المتتالية‪ .‬مرت عقود‬
          ‫المكرسة لآلهة المدينة‪.‬‬        ‫الطين الذي يؤخذ من الأرض‬              ‫من السنوات الدامية تعرضت‬
    ‫يشير مصطلح «الأكروبول»‬            ‫المشبعة بالملح‪ ،‬فإذا جف يصبح‬
                                       ‫كالإسمنت في صلابته‪ ،‬ثم يتم‬               ‫خلالها للاحتلال والغارات‬
       ‫بصفة عامة إلى حصن أو‬                                                       ‫والتدمير والسلب والنهب‬
    ‫قلعة بنيت فوق أعلى وأفضل‬              ‫البناء عليه كأرضية للطابق‬        ‫والتقتيل والتصفية‪ ،‬أدى كل ذلك‬
  ‫نقطة في المدينة بهدف حمايتها‬          ‫الأعلى‪ ،‬وهكذا ارتفعت المباني‬         ‫إلى أن تضاءل عدد سكانها من‬
   ‫والدفاع عنها‪ ،‬فالاسم مشتق‬            ‫داخل «قلعة شالي» إلي سبعة‬           ‫الذكور ليصل إلى أربعين رج ًل‬
     ‫من ‪ ἄκρος‬صفة (‪Akros‬‬                 ‫وثمانية طوابق (أدوار)‪ ،‬كل‬
‫«عالية») واسم ‪( πό� λις‬بوليس‪،‬‬            ‫طبقة ُبنيت على قمة اﻷخرى‬                                    ‫فقط!‬
 ‫«المدينة») وتعني «أعلى نقطة في‬                                              ‫اجتمع هؤلاء الرجال اﻷربعون‬
‫المدينة»‪ .‬وكان الأكروبول بمثابة‬             ‫بشكل غير منتظم بسبب‬              ‫وفكروا في طريقة للحفاظ على‬
                                     ‫انحناءات الجبل الطبيعية‪ .‬بمرور‬           ‫بقائهم‪ .‬بحثوا عن فكرة توفر‬
      ‫الملجأ النهائي للناس خلال‬
      ‫الغارات وهجمات الأعداء‪.‬‬          ‫الوقت‪ ،‬استمر التوسع الأفقي‬               ‫الأمان لأرواحهم وأطفالهم‬
 ‫وقد حدد بعض الباحثين انتقال‬             ‫والرأسي إلى أن انتهى البناء‬            ‫ونسائهم والحماية لمنازلهم‬
  ‫السيويين إلى الجبل زمنيًّا بين‬        ‫إلى هيئة قلعة تقع على مرتفع‬          ‫وممتلكاتهم‪ ،‬وفي النهاية اتفقوا‬
  ‫عامي ‪ ،1100‬و‪1203‬م‪ .‬عندها‬            ‫مساحته‏‪0‬‏‪ 1‬آلاف متر وتتكون‬           ‫على أن يهجروا منازلهم المشيدة‬
  ‫تحول الجبل إلى مدينة يسكنها‬         ‫من ثماني طبقات يبلغ ارتفاعها‬         ‫في سهل الواحة والمعرضة لخطر‬
      ‫أهل سيوة باعتبارها قلعة‬            ‫ما بين ‪ 0‬‏‪ 4‬إلى‪60‬‏ مت ًرا‪ .‬كان‬      ‫الغزو‪ ،‬وينتقلوا إلى أعلى الجبل‬
‫محصنه يحتمون بداخلها خشية‬                ‫كل منزل داخل القلعة مكو ًنا‬         ‫ليشيدوا فوقه بلدتهم الجديدة‪،‬‬
  ‫تعرضهم لأي هجوم خارجي‪.‬‬                                                     ‫ويحيطونها بسور عظيم يصد‬
   ‫واعتبر تاريخ ذلك النزوح إلى‬             ‫من طابقين محاطة جمي ًعا‬          ‫عنهم الغارات المعادية ويجهض‬
 ‫الداخل إرها ًصا بحلول السلام‪،‬‬         ‫بسور متين البناء تغلق أبوابه‬           ‫هجمات الغزاة‪ .‬وبهذا تصبح‬
    ‫وتوقفت هجمات قبائل البدو‬           ‫لي ًل خو ًفا من الغرباء وغارات‬         ‫البلدة الجديدة موق ًعا حصينًا‬
   ‫العابرة للصحراء عن الإغارة‬                                              ‫يساعدهم على الإحساس بالأمن‬
 ‫والسلب والنهب‪ .‬وظلت قلعة أو‬             ‫العربان التي كثي ًرا ما كانت‬      ‫والطمأنينة‪ ،‬ذلك الإحساس الذي‬
‫مدينة شالي مأهولة بالسكان إلى‬           ‫تحدث خصو ًصا بعد مواسم‬
                                         ‫الحصاد‏‪.‬‏‪ .‬وهكذا اكتمل بناء‬                         ‫طال انتظاره‪.‬‬
                   ‫عام ‪1926‬م‪.‬‬                                                ‫من المنطقي أن نتصور أن بناء‬
    ‫ُيقال إن أغنياء شالي ال ُقدامى‬                       ‫الأ ْك ُرو ُبول!‬
‫سكنوا الطبقات العليا فيما سكن‬                                                  ‫المنازل داخل المدينة الجديدة‬
    ‫الفقراء الطبقات السفلى‪ ،‬وأن‬        ‫أعلى نقطة في المدينة‬                   ‫(القلعة) بدأ على قمة الصخرة‬
  ‫الطبقة العليا الأولى كانت لابن‬                                              ‫العملاقة أعلى الجبل نزو ًل إلى‬
     ‫الملك (حاكم شالي) والثانية‬             ‫الأ ْك ُرو ُبول (‪acropolis/‬‬      ‫السفح‪ ،‬لكن الواقع أن الرجال‬
    ‫للمهندسين والثالثة للأمرا‏ء‪،‬‏‬      ‫‪ /ἀκρό� πολις‬أكروبوليس)‬
     ‫أما الطبقات الأخري فكانت‬                                                   ‫الأربعين الأوائل شيدوا في‬
                                          ‫كلمة يونانية قديمة معناها‬              ‫البداية سو ًرا عظي ًما يحيط‬
                                         ‫الحصن أو «المدينة العالية»‪.‬‬
                                     ‫كان «الأ ْك ُرو ُبول» علما على كثير‬
   245   246   247   248   249   250   251   252   253   254