Page 249 - ميريت الثقافية العدد 24 ديسمبر 2020
P. 249

‫‪247‬‬  ‫ثقافات وفنون‬

     ‫رحلات‬

  ‫باﻷساس لحماية أهالي سيوة‬            ‫الواحة اسمه «قدوحة»‪ .‬لم يكن‬             ‫تدريجيًّا‪ ،‬شيء غريب يشدك‬
  ‫وص ّد هجمات القبائل الغازية‪،‬‬       ‫ُيسمح للنساء عند خروجهن إلا‬               ‫إلى المكان بمجرد أن تتوغل‬

       ‫سواء من القبائل العربية‬            ‫باستعمال هذا الباب فقط»‪.‬‬           ‫فيه‪ .‬شيء تحار في أمره‪ ،‬هل‬
‫المجاورة‪ ،‬أو قبائل البربر المتنقلة‬                                            ‫هو بساطة البيوت مع جمال‬
                                        ‫الواحة المُستباحة‬
   ‫عبر الصحراء الغربية‪ ،‬فكلهم‬                                                   ‫الطبيعة؟ أم غرابة الدهاليز‬
    ‫اعتادوا مهاجمة واحة سيوة‬             ‫التصور المنطقي لأي «قلعة»‬                    ‫والشوارع الضيقة؟‬
 ‫في موسم الحصاد من كل عام‪.‬‬            ‫أنها لا بد أن تكون مكا ًنا لإقامة‬
   ‫دعونا نرجع بالزمن‪ ،‬ونتذكر‬                                                 ‫فيما نصعد عبر الدرج العتيق‬
    ‫أن الفوضى كانت قد سادت‬                 ‫الحاكم‪ ،‬قص ًرا للملك مث ًل‪،‬‬    ‫تابع المرشد وصفه للمكان‪« :‬كان‬
    ‫الصحراء الغربية بعد انهيار‬            ‫أو قاعدة عسكرية محصنة‬
 ‫الامبراطورية الرومانية‪ ،‬فكانت‬       ‫بالأسلحة والجنود المقاتلين كما‬          ‫لبلدة شالي بوابتان يحرسهما‬
 ‫القبائل في ذلك الزمن تغير على‬        ‫هو المفهوم التقليدي والتاريخي‬           ‫رجال أشداء‪ ،‬بوابة في الجهة‬
‫بعضها البعض بهدف الحصول‬                  ‫لكلمة «قلعة» المُعبأة بالمعاني‬       ‫الشرقية والأخرى غربي‏ة‪ .‬في‬
‫على الغذاء‪ ،‬وكانت مناطق الآبار‬          ‫العسكرية‪ .‬لكنك عندما تدخل‬
     ‫المأهولة بالسكان ُمستهدفة‬           ‫قلعة شالي وتسير في أزقتها‬              ‫البداية‪ ،‬كان للمدينة بوابة‬
                                      ‫وشوارعها الضيقة‪ ،‬ستكتشف‬                 ‫واحدة فقط هدفها الاطمئنان‬
       ‫دو ًما‪ .‬ونظ ًرا لما تتمتع به‬  ‫أنها لم تكن مجرد قصر للحاكم‬          ‫على دفاعات القلعة‪ ،‬كانت ُتسمى‬
 ‫الواحة من آبار وعيون متفجرة‬           ‫ولا قاعدة عسكرية‪ ،‬وإن كانت‬            ‫باسم «الباب إن شال» بمعني‬
                                     ‫تحمل لو ًنا مزي ًجا من هذا وذاك‪.‬‬        ‫«باب المدينة»‪ ،‬وما تزال قائمة‬
  ‫بالماء العذب في قلب الصحراء‬        ‫بل كانت عبارة عن تجمع سكني‬               ‫إلى الآن‪ ..‬تلك التي عبرنا من‬
   ‫القاحلة‪ ،‬لطالما اجتاحت رياح‬       ‫كبير (مدينة سكنية‪ -‬كومباوند)‬
  ‫القبائل العربية الليبية والبربر‬     ‫يشمل كل منازل سكان الواحة‬                          ‫خلالها قبل قليل‪.‬‬
 ‫الإسبانية واحة سيوة‪ ،‬وجعلت‬             ‫الذين ينطلقون إلى بساتينهم‬             ‫بعد مرور قر ٍن من الزمان‪،‬‬
‫منها مسر ًحا ﻷحداث وصراعات‬                                                  ‫فتح أهل سيوة با ًبا ثانيًا للبلدة‬
                                               ‫ومراعيهم كل صباح‪.‬‬           ‫أطلقوا عليه اسم «الباب أثراب»‬
                                                 ‫وعندما يحل المساء‪،‬‬       ‫أي الباب الجديد‪ .‬وكان يستخدم‬
                                                                            ‫للذين يفضلون تحاشي المرور‬
                                              ‫يعود كل فرد منهم إلى‬          ‫أمام مجلس الأجواد أو العقلاء‬
                                            ‫بيته داخل أسوار القلعة‪،‬‬       ‫وهم رؤساء العائلات المسؤولين‬
                                            ‫وعندها ُيغلق على الجميع‬         ‫عن إدارة شؤون القبيلة‪ .‬الباب‬
                                           ‫بوابة كبيرة واحدة‪ ،‬ويتم‬         ‫الجديد كان بمثابة «باب سري»‬
                                                                              ‫لم يكن يعرف مكانه إلا أهل‬
                                                 ‫إحكام السيطرة على‬           ‫شالي‪ ،‬كانوا يستخدمونه س ًّرا‬
                                             ‫البلدة‪ .‬إنها المدينة القلعة‬      ‫للخروج أو الدخول في حالة‬

                                                               ‫إذن!‬                        ‫حصار المدينة‪.‬‬
                                               ‫ولكن إلى جانب كونها‬         ‫بعد ذلك‪ ،‬ولأن العادات السيوية‬

                                                ‫ُمج ّمع سكني‪ ،‬كانت‬               ‫تمنع خروج النساء إلا في‬
                                             ‫قلعة شالي تقوم بالدور‬          ‫أضيق الحدود ودون الاختلاط‬
                                              ‫الوظيفي التقليدي لأي‬
                                                                               ‫بالرجال‪ ،‬تم فتح باب ثالث‬
                                               ‫قلعة‪ ،‬من حيث كونها‬               ‫للمدينة مخصص من أجل‬
                                               ‫«حصن دفاع» أي ًضا‪.‬‬             ‫النساء سمي «باب قدوحة»‪،‬‬
                                              ‫في الحقيقة هي ُشيّدت‬              ‫ُيقال لأن فتحة الباب كانت‬
                                                                                ‫في منزل شخص من أهالي‬
   244   245   246   247   248   249   250   251   252   253   254