Page 51 - ميريت الثقافية العدد 24 ديسمبر 2020
P. 51

‫‪49‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

    ‫رؤى نقدية‬

   ‫بصورة عامة‪ ،‬ويشير إلى الاستعدادات الجنسية‬         ‫على الخواء الجنسي‪ ،‬هذا من ناحية‪ ،‬ولأن النشاط‬
  ‫والعدوانية اللاحقة(‪)7‬؛ فمقاومة الخبرات الصدمية‬      ‫الجنسي عند البطل نشاط اكتئابي‪ /‬هوسي؛ كان‬
  ‫بمنعها من غزوه تم عن طريق اتباع آلية التداعي‬        ‫اللجوء إلى التركيز على هدفه لمساعدته في التغلب‬
                                                     ‫على الخوف والحصول على وهم السيطرة المؤقتة‪،‬‬
   ‫الطليق مع ابنته برسكال‪ ،‬وعزل المشاعر الأليمة‬
  ‫الناجمة عن تهديد نرجسيته عن طريق اتباع آلية‬           ‫من خلال الفرار إلى طنبارة‪ ،‬وكان إسقاط ذاته‬
 ‫الكبت‪ ،‬ثم إسقاط ذاته في صورة مثالية‪ ،‬مستخد ًما‬        ‫على صورة أبوية مثالية مؤلهة في علاقته بابنته‬
    ‫الجنس كوسيلة للحفاظ على الذات‪ ،‬والسعي إلى‬          ‫أو ًل‪ ،‬مع ملاحظة أن إضفاء المثالية الوالدية على‬
   ‫تحقيق الفردوس على الأرض؛ لذلك جاء توظيف‬           ‫أحداث الرواية اعتمد على الإيحاء والتأرجح مابين‬
  ‫الجسد كوسيلة لتنقية العمل الروائي من الرتابة‪،‬‬      ‫الرغبة في تأكيد الذات والفانتازيا‪ ،‬وكأن هذا الأب‬
 ‫اتضح ذلك أي ًضا في مزج الكاتب بين اللغة العربية‬       ‫المثالي يفكر ويسلك كإنسان‪ ،‬في حين تراه الابنة‬
                                                       ‫وترصد صورته كنبي يتجاوز المعايير البشرية؛‬
                   ‫الفصحى ولغة الحكي الشعبي‪.‬‬         ‫فيصبح هذ الرجل الأرضي في حالات فيضانه هو‬
   ‫كما أن وصف جسد البطل الذي تكرر في أحداث‬            ‫نفسه حامل مبدأ (الفردانية) والإرادة الحاكمة(‪،)6‬‬
‫الرواية‪ ،‬أراد به الكاتب التخلص من الكبت المجتمعي‬       ‫وإسقاط ذاته التي تحتاج إلى إرادة ال ُسلطة أمام‬
  ‫عن طريق الكتابة؛ ولا شك أن الرقابة الاجتماعية‬     ‫زوجاته؛ لذلك كان عليه أن يؤدي إلى آخر فصل في‬
    ‫الصارمة وقع تحت وطأتها الكاتب نفسه عندما‬          ‫الرواية وإلا لن يستمر العرض‪ ،‬مع براعة الكاتب‬
    ‫برر سعى البطل لاستثمار طاقته الجنسية بحثًا‬      ‫في كشف الحيل التي اتبعها الشعور في إخفاء معالم‬
   ‫عن الذات‪ ،‬وحر ًصا على تحقيق العزوة؛ فالظاهر‬         ‫المكبوت‪ ،‬والتي تجلت في النكوص إلى الماضي في‬
 ‫للمتلقي هو تقديم عمل فني يكشف ُسلطة المجتمع‬            ‫تناول الحاضر‪ ،‬ذلك أن الرغبة الفموية في دمج‬
  ‫المرعبة على الأفراد‪ ،‬والخفي هو تأكيد ذات البطل‬     ‫الموضوعات‪ ،‬والشراهة في الطعام‪ ،‬وفقدان الصبر‪،‬‬
‫من خلال العلاقات التي يكون استثمار الجنس فيها‬           ‫والغيرة لهم دلالة الارتكاس الأول على الأشياء‬

                ‫هو الفاعل دائ ًما في دراما الأحداث‬

                                                                       ‫الهوامش‪:‬‬

    ‫‪ -1‬أحمد فائق ‪« ،1969‬ثلاث مقالات في نظرية الجنس لسيجموند فرويد»‪ ،‬مجلة تراث الإنسانية‪ ،‬الهيئة‬
                                                           ‫المصرية العامة للتأليف والنشر‪ ،‬مج‪ ،7‬ع‪.2‬‬

     ‫‪ -2‬مصطفى زيور ‪« ،1986‬جدل الإنسان بين الوجود والاغتراب في «في النفس»‪ ،‬دار النهضة العربية‪،‬‬
                                                                                           ‫بيروت‪.‬‬

  ‫‪ -3‬السيد ابراهيم ‪« ،2003‬التحليل النفسي المعاصر ودراسة الأدب»‪ ،‬مجلة جذور‪ ،‬النادي الأدبي الثقافي‬
                                                                                  ‫بجدة‪ ،‬مج‪ ،8‬ج‪.15‬‬

‫‪Trns. by Hohn Forreser Cambridage University Pwess,-1:Lacan, Jacques: Seminar no -4‬‬
                                                                                       ‫‪1988 ,N, Y‬‬

          ‫‪ -5‬عدنان حب الله ‪« ،1988‬التحليل النفسي من فرويد إلى لاكان»‪ ،‬مركز الإنماء القومي‪ ،‬بيروت‪.‬‬
         ‫‪ -6‬كاميلي باليا ‪« ،2015‬أقنعة جنسية»‪ ،‬ترجمة‪ :‬ربيع وهبة‪ ،‬ط‪ ،1‬المركز القومي للترجمة‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
     ‫‪ -7‬بيلاغرانبرغر ‪« ،2000‬النرجسية‪ :‬دراسة نفسية»‪ ،‬ترجمة‪ :‬وجيه أسعد‪ ،‬منشورات وزارة الثقافة‪/‬‬

                                                                                    ‫سورية‪ ،‬دمشق‪.‬‬
   46   47   48   49   50   51   52   53   54   55   56