Page 46 - ميريت الثقافية العدد 24 ديسمبر 2020
P. 46
العـدد 24 44
ديسمبر ٢٠٢٠
رشا الفوال
النرجسية الجنسية ووهم الفردانية
في رواية برسكال لأحمد صبري أبو الفتوح
قراءة نفسية
إن وصف جسد البطل الذي تكرر في أحداث الرواية ،أراد به الكاتب التخلص
من الكبت المجتمعي عن طريق الكتابة؛ ولا شك أن الرقابة الاجتماعية
الصارمة وقع تحت وطأتها الكاتب نفسه عندما برر سعى البطل لاستثمار
طاقته الجنسية بح ًثا عن الذات ،وحر ًصا على تحقيق العزوة؛ فالظاهر
للمتلقي هو تقديم عمل فني يكشف ُسلطة المجتمع المرعبة على الأفراد،
والخفي هو تأكيد ذات البطل من خلال العلاقات التي يكون استثمار الجنس
فيها هو الفاعل دائ ًما في دراما الأحداث.
وعيه الفردي ،تترسب التجربة الإنسانية العامة في على افتراض أن الرواية ُتعد أكثر الأجناس الأدبية
اللاوعى على مستواه الجمعي؛ إذ تظهر الرواسب
الصورية الفردية في الأحلام ،بينما تظهر الرواسب قدرة على استيعاب التحولات الإنسانية خاصة
في فترات الأزمات الاجتماعية ،هذا إن اعتبرنا
الصورية الجماعية في الأسطورة ،هذا وتدور أن التساؤلات التي تستهدفها القراءة الحالية
أحداث الرواية عن حكاية الأسطى عبد العاطي منحازة إلى ُسلطة النص وأثره العميق بين الوعى
ملش الآتي من الريدانية مركز المنصورة ،التي والممارسة في تقديم صورة واقعية للمجتمع ،من
أنكرته؛ للعمل في الشونة التي افتتحتها الحكومة في خلال أزمة إنسان ُمكبل بشبح (المثالية) ،اعتما ًدا
طنبارة بعد ثورة يوليو ،1952والذي مات والده على استثمار طاقاته الجنسية ،يسمح لنا ذلك مرة
وهو في بطن أمه ،التي تركته وهو في الخامسة أخرى بافتراض أن»الجنس ليس نزوة فحسب؛ بل
من عمره وتزوجت ،لينفر منه أعمامه وأولادهم، غريزة ثواب وعقاب وناموس طبيعي ،مثلما هو
وتدفعه الظروف القاهرة إلى النوم في حجرة التبن ليس هفوة أو خطيئة ،إذا ما تم بالعرف المرسوم
الملحقة بالزرائب ،وتبدأ حكايته مع الكلاف جبريل له» ،من خلال هذا المفهوم نستطيع أن نتناول
الذي يحكي له الحكايات الشعبية ومنها حكاية أحداث رواية «برسكال» الصادرة عام 2018عن
أبو زيد؛ فيرى عبد العاطي بخيال الطفل كأن أمه دار ميريت للروائي أحمد صبري أبو الفتوح ،من
هى «الخضرة الشريفة» ،خاصة بعدما علم بإهانة خلال منهج التحليل النفسي ،وانطلا ًقا من مقولة
أعمامه لها وأنهم أخذوا حقه وحقها في ميراث كارل يونغ :إنه كما تترسب تجارب الفرد في لا
والدهُ ،هنا تفضح أحداث الرواية ذكورية المجتمع