Page 41 - ميريت الثقافية العدد 24 ديسمبر 2020
P. 41
39 إبداع ومبدعون
رؤى نقدية
على نص “بيضة النعامة” ،ولا يكاد يخلو مكان لا يجدن حر ًجا في دعوته -وأحيا ًنا -التوسل إليه
حتى نشاهد “لقطات جنسية” ،في المدرسة لممارسة الجنس!
والشارع والسوق( )10والفندق وفي القرى والنجوع فعندما يذهب «السارد» إلى «جنيف» بسويسرا عام
والمدن والعواصم ،وفي أزمنة الحرب والقصف 1973م «يعمل منظ ًفا للمراحيض في قصر الأمم
والمظاهرات والندوات وفي طوابير التلاميذ
هناك (التابع للأمم المتحدة) يتعرف على «كورين»
والتلميذات ،وبين الأطفال والصبية والرجال ،وبين السويدية -فتاة في الثلاثين من عمرها -في فندق
النساء ومع النساء والفتيات والمتزوجات والأرامل.
صغير ،يمارس الجنس معها مرات قليلة(.)3
وهناك لقطات كثيرة تهتم بالعلاقات الشاذة وحين يقابل «ساندرا»(- )4عندما وجد عم ًل
والعلاقات المحرمة ،فالأب يمارس الجنس مع زوجة مؤقتًا «ككومبارس» صامت في فيلم تليفزيوني-
يدعوها إلى العشاء في بيته“ :ما الذي أطلق سراح
ابنه والأخت مع أختها؟! جسدينا ..وفك أسرهما؟ لعلها الصدفة التي جاءت
ولا نطمئن لمحاولة «السارد» تفسير العلاقات في اللحظة الصحيحة لجسدين قررا أن يفتحا
الجنسية ومحاولات ربطها بالتحولات الاقتصادية صناديقهما المليئة بالمفاجآت ،لعلنا لم نك ْن نعرف
حتى بوجودها”( ،)5وتنشأ علاقة جنسية بين
في عصر «أنور السادات» .فماذا يقول إذن «السارد» و»كورين» و»ساندرا»« :لم أكن أعرف
عن العلاقات الجنسية والتجارب التي وصفها -ولم أهتم -أي شفاه أقبل ..أو أي جسد في فمي
وصورها وشارك بها في موسكو وجنيف ووارسو أو أي جسد يدخلني ..كنا ثلاثة نمتلك بعضنا
وغيرها؟! أو تلك التي صورها وشارك بها في مدن نلتهم ونعطي بكرم الأعضاء ذاتها ..التحرق نفسه
«السودان» وفي «الأقصر» و»القاهرة» قبل عهد «الرائحة والفهم واللسان واللهاث ذاتهم .كنت
أسمع ساندرا تغمغم «خذوا جسدي لتأكلوه ..خذوا
الانفتاح الاقتصادي؟!
وتستحو ُذ هذه «اللقطات الجنسية» على اهتمام دمي لتشربوه”(.)6
«السارد» ،إذ يصفها ويصورها بدقة واحتراف وفي بيروت -أثناء الحرب اللبنانية -يصاحب
وتفصيل ،ونحس ُب أن هيمنتها على معظم صفحات صحافية سويدية كانت تعيش هناك مع أولادها
النص والاهتمام بها قد يدفعان إلى طرح كثير من البالغين بعد طلاقها من زوجها .فيقول« :كنا
التساؤلات .فما الهدف من هذا الحشد المتعمد من نمارس الجنس في بيتها .غرفة نومها لصيقة بغرفة
اللقطات والتجارب الجنسية المكشوفة ،لاسيما أن ابنها الكبير (لعله كان في الثامنة عشرة من عمره)
الذي كان مصاحبًا أي ًضا لفتاة لبنانية تأتي إليه (من
«السارد» طرف أساسي في هذه التجارب؟ بيروت الشرقية .الجزء المسيحي) وتقضي الليل
إ َّن الهدف قد يرتبط بثنائيات مثل :الجسد /الوعي، معه في غرفته .صديقتي الأربعينية كانت ُتعبِّر عن
الجسد /الروح ،الجسد /الحرية :ففي تأكيد التيه انفعالاتها بصو ٍت عا ٍل وبكلمات واضحة واللبنانية
والضياع والخواء الذي يلف العالم وأيديولوجياته
تر ُد عليها بتأوهات شرقية»(.)7
وأديانه ونظمه وأنساقه ،يبقى الجسد ،فالجسد وتذكر له «فريال»(« )8بأنها َف َقد َت عذريتها حينما
يمكن أن يقوم «بكل وظائفه الروحية والحسية»(،)11 كانت في الرابعة عشرة أو الخامسة عشرة -حسب
ولهذا لا بد من تحريره ،من كل التقاليد والمنظومات
تعبيرها -كانت نائمة بين شقيقيها واحد أكبر
القيمية المتعددة؛ لأنها تشبه «السجن» إذ «تسعى وواحد أصغر منها .أخذها الكبير في البداية بمفرده
إلى الحرمان من استخدام الجسد .تعطيل الجسد
لعدة شهور وكان يضربها حين ترفض أو لأي
بالأمر”(.)12 سبب ثم طالب الصغير بحقه فيها فتناوباها أحيا ًنا
فاستلاب الجسد وتعطيله قد يمهد «لكسر الروح
وتدميرها»( ،)13فالجسد له حقوقه وللروح حقوقها، أكثر من مرة في الليلة الواحدة”(.)9
لكن حقوق الروح لا تتحقق إذا «قمع الجسد»()14؛ “الجنس المفضوح” بأنواعه وأشكاله هو المهيمن
ولهذا يسوغ «السارد» ممارسة الجنس بين
المعتقلين السياسيين الذكور؛ لأن «الجسد هنا