Page 40 - ميريت الثقافية العدد 24 ديسمبر 2020
P. 40

‫العـدد ‪24‬‬                           ‫‪38‬‬

                                                             ‫ديسمبر ‪٢٠٢٠‬‬

‫د‪.‬جودة عبد النبي جودة‬

‫الجنس المفضوح‪ ..‬قراءة في‪:‬‬

‫"بيضة النعامة" و"وليمة لأعشاب البحر"‬

‫في رواية «وليمة لأعشاب البحر» نجد شخصية «فلة بو عناب»‪ ،‬هذا‬
‫النموذج الأنثوي الجزائري الثائر‪ ،‬مجاهدة من المجاهدات ضد المستعمر‬
‫الفرنسي في الجبال‪ ،‬مزيج من مستهترة ومناضلة خائبة‪ .‬إنها تصور من‬
‫آ ٍن لآخر بوصفها «عاهرة» فاضلة أو مماثلة لبغايا المعابد المقدسات‪ .‬إنها‬
‫فيما يبدو لا تأخذ مقاب ًل ماد ًّيا لجسدها المباح‪ ،‬لكنها لا تتوقف أب ًدا عند‬
‫مرفأ واحد‪ ،‬بل تنتقل من رجل لآخر في يسر‪ .‬ثم كانت صدمة الاستقلال التي‬
‫قلبت ميزان حياتها‪.‬‬

  ‫الوصفية المفككة‪ ،‬لا رابط بينها سوى «شخصية‬                        ‫‪-1‬‬
‫السارد” ‪-‬الذي ينتمي إلى اليسار الماركسي‪ ،-‬فهو‬
 ‫الذي يصف ويسرد ويشرح وناد ًرا ما يميل نحو‬         ‫رواية «بيضة النعامة» لرءوف مسعد(‪ )1‬ن ٌص لا‬
 ‫التعليق أو التعليل فالأحداث تتراص أو تتراكم من‬
  ‫دون سببية أو رابط خفي وكذا الأزمنة والأمكنة‪.‬‬     ‫يرتكز على «تصميم» ما أو «خطة» فنية‪ ،‬فهو ركام‬
 ‫والسارد هو فارس ميدان «الجنس»(‪ )2‬فقد مارسه‬        ‫من اللقطات السردية والومضات الوصفية المفككة‬

  ‫مع عدد لا يحصى من الفتيات والنساء! ولا يكاد‬        ‫المتناثرة المُبع َثرة والمشتتة بصورة متعمدة‪ ،‬وهو‬
  ‫يذكر اسم امرأة في النص أو تلوح امرأة في الأفق‬     ‫ما يجسد رف ًضا عني ًفا لمواصفات الكتابة الروائية‬
‫حتى يتوقع المتلقي أنها ستقع بين أحضان السارد‪.‬‬        ‫المألوفة القائمة على التسلسل والتتابع والترابط‪،‬‬
                                                   ‫فهناك انتقالات وقفزات عبر الأزمة والأمكنة التي‬
    ‫ولا يخيب ظن المتلقي أو توقعه‪ ،‬فالسارد ‪-‬منذ‬
     ‫الطفولة وحتى تجاوزه الخمسين من العمر‪-‬‬             ‫نلحظها أحيا ًنا في العناوين الفرعية‪ :‬فمن لقطة‬
                                                   ‫تدور في منتصف الأربعينيات من القرن العشرين‬
  ‫يبدو جذا ًبا ومعشو ًقا من الفتيات الغريرات ومن‬   ‫بالسودان يتم الانتقال إلى «بغداد‪1997 -‬م»‪ ،‬تليها‬
    ‫المتزوجات والأرامل والمثقفات وغير المتعلمات‪..‬‬
   ‫بل إنهن ‪-‬في كثير من الأحيان‪ -‬يحاولن إيقاعه‬        ‫لقطة أخرى تحت عنوان «القاهرة‪1995 -‬م” ثم‬
  ‫في حبائلهن‪ ،‬وكلهن ينجذبن إليه‪ ،‬وكثيرات منهن‬                 ‫مدينة «هابو‪ -‬غرب الأقصر ‪1983‬م»‪.‬‬

                                                        ‫هذا الركام من اللقطات السردية والومضات‬
   35   36   37   38   39   40   41   42   43   44   45