Page 36 - ميريت الثقافية العدد 24 ديسمبر 2020
P. 36
دال الحاضر المتقدم من خلال علاقة فاتن اتسا ًقا مع نقطة التقاطع التي
بأبيها وعلاقة فاتن بزوج أمها جميل.
لقد ارتبطت بشابين هما أحمد صادق حددناها روائ ًّيابمولد يحيى ثم
وباسم مرزوق ،وكلاهما ينتميان فكر ًّيا بوفاته ،سيحصر عبدالمؤمن
إلى الفكر الماركسي ،ولكن ذكاء الكاتب
ورغبته في التوازن والتداخل بين الفكري -جمال ًّيا -في أساليب الحوار
الفلسفي والأدبي جعلهما متفاوتين؛ لذلك
لم تكمل فاتن مع أحمد وأكملت مع باسم. السردي (داخل دائرة الأسرة) حيث
والسؤال :لماذا؟ تختزن الروايةلاستحضار صورة
لم يستطع الشاب أحمد صادق تجاوز
الأب أو الزوج ما يسميه ليتش
النفعي إلى الجمالي ،فقد قبلت منه ما
يشي بالغريزة الجنسية التي لا تتجاوز وشورت بالكلام المباشر ،يظل
القبلة ،ولكنه يتمادى وتصده ،ثم تشرح
موقف أختها فاطمة البائس مع زوجها دائ ًما محصوًرا بين قوسين لا
ضابط الشرطة عاطف بعد خيانته لها،
ويكون موقفه تبرير ًّيا «سطوة الجنس يتجاوزه إلى حوار ف ّعال
لدى الرجال ..هذه العبارة التي يرددها
عندما رفض أبوها أن أعمل ،آنذاك كنت مفتونة
باستمرار» ص .78وصورة أحمد صادق تلتقي بعبد المؤمن ..ورغم اعتراضي على موقفه إلا
مع صورة الأب /عبد المؤمن في عدم التجاوز إلى
الجمالي ،ومن ثم كان هناك وجه شبه بينه وبين أنني لم أتمسك بحقوقي وقناعاتي كثي ًرا ،فغريزة
الأب من قبل فاتن «كما أن عينيه تشرقان ببريق الأمومة أطاحت بأي طموح آخر» ص.53
الفطنة والحضور ،وجسده فارع مثل أبي ،وهو
أمر يشعرني دو ًما أنني في أمان طالما ظل بجانبي» ومن ثم تتعدد المقارنات التي تكشف عن الفارق
بين الشخصية التي لا تستطيع أن تتجاوز النفعي،
الرواية ص .27 -26وهو تشبيه جاء ليشعر والشخصية المستنيرة التي تحقق النفعي والجمالي
بالأمان ،ولكنه تحول إلى خوف .وكما أن صورة في آن ،وسنذكر نموذ ًجا أخي ًرا ،وهو يتمثل في قول
الأب تراجعت فعليًّا بموت الابن يحيى فلا بد من
إيمان« :فتح لي باب سيارته المرسيدس الزيتية
تراجع صورة أحمد صادق لأنه سيعيد إنتاج اللون بحركة مسرحية رشيقة أعجبتني ،وتذكرت
(صورة يحيى) ،لقد قال لفاتن مواسيًا وحال ًفا أنه أن عبد المؤمن لم يفعلها إلا مرة واحدة وفقط ،وذلك
سيسمي ابنهما إن تزوجا باسم يحيى «وأقسم أنه عندما اشترى سيارته الهيونداي قبل عشر سنوات»
سيطلق اسم يحيى على أول ذكر يولد من زواجنا، الرواية ص .68 -67ولسنا بحاجة إلى الحديث عن
لفظ العقد عشر سنوات ،ولكننا بحاجة إلى تدقيق
فارتج كياني» ص.27 النظر في لفظ (الباب) الذي وظفته الرواية العربية
في مقابل هذا يأتي باسم مرزوق ،وهو يشبه جميل
الشناوي وليس صورة الأب؛ ليكون بداية التحول ببراعة في التمثيل بين موقفين مغايرين (نذكر
برواية موسم الهجرة إلى الشمال للطيب صالح،
إليه من قبل فاتن «في تلك الليلة شاغلني طيف ورواية الغزو عش ًقا لنجلاء محرم) ،وها هو باب
باسم مرزوق أكثر من أحمد صادق ،وتذكرت السيارة يوظف في إثبات تغاير فعل عبد المؤمن/
انفعاله وقدرته البارعة على الإقناع ،فاضطرب
كياني كله ،وأغمضت عيني على حزن وقلق وحيرة» الماضي ،وفعل جميل /الحاضر المتقدم(.)10
ص .92لذلك كانت ملاحظتها أنه أقرب إلى التقدم ويمكننا أن نرصد فعل التحول من دال الماضي إلى
بالمفهوم النموذجي ،وقارنت بين حركته السريعة