Page 38 - ميريت الثقافية العدد 24 ديسمبر 2020
P. 38
العـدد 24 36
ديسمبر ٢٠٢٠
بالتعبيرات الاصطلاحية .وهو ما يجعل نموذج للفكر الماركسي الألتوسيري ،ولكن نجاح
ماجد شبانة صورة من صور الأدلجة الفكرية ،وإن الشخصية -في تقديري -هي في قدر التسامح الذي
كانت رواية البلاط الأسود تستحق قراءة مستقلة اتسمت به في قبول فكر الآخر (حجاب الزوجة-
تنطلق من ثنائية الخير والشر. احترام الشعائر -عقد القران وف ًقا لأنظمة الدولة
أما في رواية الكومبارس فهي تدعو إلى العلمية، على الشريعة الإسلامية) ،مع أنه برز بوصفه
وتتابع خطوات التقدم التي لا تتعدى صور شخصية لا دينية ضد التوجه الإيديولوجي بكل
صوره! وإبراز صور التنوع تتسق مع المجتمع
الحاضر الواضح وليس المستقبل الحالم أو ما عبرنا المصري ومشروعه الحقيقي نحو الحرية والتقدم.
عنه ساب ًقا بالنظرة التفاؤلية للمستقبل عن طريق
وربما أعيد هنا توضيح اختياري للكومبارس
تطوير الأدوات وأشكال المعرفة ،ولكنها لا تستطيع بوصفها النموذج الجمالي الأعلى ،فلو عقدنا مقارنة
إلغاء الأيديولوجيا كاملة ،وإن قاومت بعض صوره، بين جميل الشناوي هنا وشخصية الدكتور ماجد
شبانة في رواية البلاط الأسود ،وهما متشابهان في
ومن صوره الباقية هذه اللغة العفوية التي تنتشر الأفكار وما يتعلق منها بالدين ،سنجد ماجد شبانة
فيها التعبيرات الدينية الجميلة في النص مثل :فانتبذ
شخصية لا تستطيع قبول تصور الآخر وكلماته
مكا ًنا قصيًّا ،لا تقصص رؤياي ،..وهي من المؤكد (راجع ص )234فهو ينزعج من الكلمات العفوية
-في الفكر الألتوسيري -مرفوضة ،ولكن رفضها التي يعدها ألتوسير نو ًعا من الأدلجة التي يجب أن
ضد طبائع الأشياء التي جعلت اللغة العربية جز ًءا تقوض ،فلم يستطع تقبل القول المتعلق بالمشيئة في
لا يتجزأ من المجتمع المصري ،وتأتي اللغة المتمثلة
حوار دار بينه وبين محبوبته منال:
في الكتاب المنزل القرآن الكريم والنص النبوي «فانتابني قشعريرة انزعاج ،وقلت له في محاولة
الشريف النموذج الأعلى للفصاحة ،وهي في النص
تتواشج مع الفصحى الرائقة لتقدم ن ًّصا لغو ًّيا يعبر تخفيف نبرة التشاؤم التي سرت بين حروفه:
عن قيم المجتمع .واختار الكاتب هذه اللغة الفصحى -إن شاء الله سننجح ونؤسس التنظيم الثوري
الذي تريد ،ولن يعود النظام البائس للرجل الكبير.
في كل رواياته أنها الأقدر على رصد الفكري فلم يعلق ،فاستطردت بحماسة :أكيد سينصرنا
والأدبي م ًعا ،ولأنها جزء من الشخصية المصرية،
الله.
ولا يمكن أن تكون عفوية وإيديولوجية قابلة فابتسم وهمس في أذني ،ونحن نسير على كوبري
للتقويض .وهذا ما جعل من الكومبارس رواية
تحاول أن تنتقل بالمجتمع المصري خطوة إلى الإمام قصر النيل:
-في ضوء الواقع المعيش للشخصية المصرية- -لا تنسي من فضلك حبيبتي ..إن الله ليس عض ًوا
وليس في ضوء فكر معين ،وتؤسس للحرية في أي تنظيم ثوري» ص.235
والتقدم بتوازن محكم بين الفلسفي والأدبي. وهذا نموذج لما تحدثنا عنه في بدء البحث أن قوى
وترسم صو ًرا لكثير من الأشياء التي تلعب دور النهوض في المجتمع المصري كانت تدعي أحقيتها
الكومبارس ،والمؤمل أن تلعب دو ًرا متقد ًما في وحدها في الانتقال بمصر من الجهل إلى العلم .إن
النهوض بالمجتمع ،ومن أمثلة ذلك الفن والعلم التأسيس للعلم رائع ح ًّقا ،ولكن الوعي بالشخصية
المصرية السمحة التي تقبل أن تسمع من مسيحي
عبارات مثل (صل على النبي) أو الأدعية بالرحمة
والمشيئة تخضع لبنية اللغة التي تسمح لما يعرف