Page 42 - ميريت الثقافية العدد 24 ديسمبر 2020
P. 42
العـدد 24 40
ديسمبر ٢٠٢٠
زوجاتهم منذ سنوات ،والموضوع لا يثير أي رءوف مسعد حيدر حيدر
حساسية ،فقضية العذرية والبكارة ليست لها
تلك الأهمية كما في الشمال ،حيث تمارس الطهارة يتجرد من فعل ليصبح حالة .من إفراز إلى بوح.
الفرعونية التي تجتث بظر الأنثى من الذكور، ليس هنا فاعل ومفعول به بل واحد وواحد في حالة
ويضع الذكر شرفه بين ساقي المرأة ،يفقده إذا ما
متساوية ومتشابهة من الرغبة في مساعدة الآخر
فتحت المرأة ،التي قد تكون أخته”(.)18 على «تخطي الحبسة»( .)15والتجارب الجنسية ما
هي إلا تلبية لنداء الطبيعة وأوامر الجسد ووسيلة
-2
لتحقيق الذات؛ لأن “الجسد هو بوابة الأمان
في رواية «وليمة لأعشاب البحر» نجد شخصية وتحقيق الذات”(.)16
«فلة بو عناب» ،هذا النموذج الأنثوي الجزائري
إ َّن تحقيق الذات -لدى السارد -تكمن في «ممارسة
الثائر ،مجاهدة من المجاهدات ضد المستعمر الجنس» و»تحرير الجسد» من كل أوهام «الحلال
الفرنسي في الجبال ،مزيج من مستهترة ومناضلة
خائبة .إنها تصور من آ ٍن لآخر بوصفها «عاهرة» والحرام» و»العيب والخطيئة» التي تصنعها الأديان
فاضلة أو مماثلة لبغايا المعابد المقدسات .إنها فيما بأنواعها والمنظومات العرفية والأيديولوجية
يبدو لا تأخذ مقاب ًل ماد ًّيا لجسدها المباح ،لكنها بصورها -على حد تعبيره .-و”السارد” متحمس
لا تتوقف أب ًدا عند مرفأ واحد ،بل تنتقل من رجل للعلاقات والقبائلية المحيطة بالجبل /المرأة/
لآخر في يسر .ثم كانت صدمة الاستقلال التي الآلهة( ،)17ربما لأن هذه العلاقات الفطرية الطبيعية
قلبت ميزان حياتها. تقوم على تحرير الجسد من الأوهام والتقاليد،
“الثورة الوطنية انتهت ..والرجال صاروا في مواقع وكانت هذه العلاقات تنحصر في النظر إلى الجسد
السلطة والمسئولية ..وها نحن اللواتي قاتلن في وفي العلاقات الجنسية بين «المرأة و»الرجل»:
الجبال والمدن نتحول إلى الخدمات المنزلية :جميلة “والعلاقات هنا في غرب السودان مفتوحة وذلك
بو حيرد تزوجت من محاميها ،وهاجرت معه.. بتأثير العلاقات القبلية (كذا) القديمة ،حيث كان
جميلة بو عزة دخلت في النسيان ..أنا مع آلاف المجتمع الأمومي ومازالت آثاره باقية ،فالرجال
يسافرون بعي ًدا إلى الشمال للعمل وتبقى النسوة
النساء صرنا إلى ما يشبه المومسات أو الزوجات يعملن في الزراعة ويحملن بالأولاد الذين ينسبون
الصامتات المعطيات للرجال”(.)19
إليهن ،وأحيا ًنا إلى آبائهم الذين لم يعاشروا
الخمر والجنس الشائع مع كل الجنسيات،
والاستهانة بالآخرين والقيم والأديان ..هذه هي
قائمة أخلاقياتها ،أو مفاتيح شخصيتها ..ومن
الخطأ تبرير ذلك بصدمتها في الثوار الذين حكموا
وطنها بعد الاستقلال ،فكانوا مث ًل خيار ًّيا سيئًا..
وح ًشا أكل كل شيء ،ولم يعط شيئًا؛ لأن ذلك قد
يبرر سلو ًكا انحرافيًّا آخر كاغتيال المسئولين ،أو
السطو على أموالهم ..ولا تعليل لهذا الانحراف
الجنسي البشع إلا «آفة النهم البهيمي» الخسيس
«وقد يكون وراءه طابع سادي حاد ،يجد المتعة في
«إسقاط» الآخرين في مستنقع الجنس”.
وقد يؤيد ذلك حرصها على تشويه صفحة
المجاهدين ..تقول« :في الجبل غاب أصدقاء كثيرون،