Page 48 - ميريت الثقافية العدد 24 ديسمبر 2020
P. 48
العـدد 24 46
ديسمبر ٢٠٢٠
والإجابة تكون في استثمار ليبدو الأنا النرجسي له دلالة التكامل والتخلص من حالة الفوضى
بالضرورة في موضوعات جنسية( ،)1وعلى صعيد والنزعات البدائية التي كانت من أسباب تمزق ذلك
الجسد ،ولا غرابة في ذلك لأن الانبهار هو أساس
آخر فالمرآة عند الرجل العربي (مرأة) يريد أن
يعكس عليها صورته ،وتلك هى النرجسية ،وهذا وظيفة (أن ينظر الفرد وأن ُينظر إليه)؛ فالأنا
هو ديالكتيك السيد والعبد الذي نكتشفه في معظم محورها الجسد ،يقول الكاتب« :وذات مرة طلبت
الأعمال الأدبية الكبرى ،ومنها روايات أحمد صبري منه إحدى زوجات أعمامه نقل شيء من حجرتها؛
أبو الفتوح؛ فالعدوانية الكامنة في صراع الحياة فوقف أمام المرآة لأول مرة ،ورأى أمام عينيه شا ًّبا
والموت بين طرفين من الوعى سيصبحان السيد/ لم تذهب الشمس عن وجهه النضارة ،ولا عكرت
العبد في نفس الوقت ،حتى وإن كانت العدوانية ُهنا صفو زرقة عينيه» ،وهذا الجسد لا يمكن إدراكه
تمثل استراتيجية دفاعية يلجأ إليها الأنا حين ُتهدد إلا عبر التصور الذي تعكسه المرآة ورغبة الآخر
وحدة النفس بضياع المثال أو بالعقاب؛ فقد كان عبد فيه ،تلك الرغبة التي تمكنه من التغلب على مخاوفه
العاطي «لا يجد السلوى إلا في التدخين والحديث وتساعده على إقصاء الشعور بالذنب ،ولأن المصدر
إلى المهرتين وهو ينفث الدخان في أنفيهما ،والنوم
الجنسي للغريزة في فترة شبابه وصباه كانت
مع عزيزة ،بعد فترة شعر بأنه سيد نفسه». مناطق التوتر الجسدي التي ُيطلق عليها المناطق
ولأن مستقبل البطل الجنسي لا بد أن يتفق الشبقية ،فالهدف الأكيد والأوحد يتلخص في سعيه
وتابوهات المجتمع لوجود العديد من العوائق التي لخفض التوتر ،يمكننا تفسير ذلك من خلال إقامته
ت ُسد الطريق أمام المجرى السوي لــ(الليبدو)؛ لعلاقة مع الحمارة في سن الرابعة عشرة ،يقول
كان القلق الذي اعتراه عند إلحاح المكبوت على الكاتب« :أول مرة جرب فيها العبث بنفسه كانت
الإشباع ،وكانت النزعات الجنسية التي تخضع في عريشة الغيط ،وشعر بلذة مرعبة أعقبتها رجفة
لقيادة النشاط التناسلي هى الحل الأمثل؛ لذلك جبارة صحبتها دفقات من سائل عكر ،ثم عرفت
جاء الدافع الغريزي متحر ًرا من الزيف ،وجاء
الموضوع الجنسي في مقابل الهدف الجنسي ،إلا قدماه التسلل إلى الحمارة في الزريبة» ،نلاحظ
أننا في الرواية وجدنا الإثارة والإشباع الجنسي هنا أن اختيار الموضوع الجنسي جاء على غرار
لا يتوقفان على كم المثيرات بل على كيفها ،يفسر الموضوعات الطفليه من حيث الاهتمام التناسلي،
ذلك عندما سألته فردوس عن زوجته عزيزة ،فكان ولأن الجسم البشري برمته ُيعد منطقة شهوية؛
رده عليها« :لا تكون زوجة عبد العاطي إن لم تكن لقابليته للإثارة؛ فمصادر الإثارة الجنسية التناسلية
جميلة». في فترة شباب عبد العاطي ملش تركزت في:
العالم الخارجي كمثير للمناطق الشهوية المألوفة،
ثان ًيا :استثمار فوضى الغرائز في وحدة متخيلة
والعالم الداخلي (الأفكار والتخيلات) ،ورصيد
انطلا ًقا من كون التحليل النفسي كمنهج لدراسة الانطباعات الجنسية الطفلية؛ فالهزة الجنسية في
الكتابات الأدبية لا يتجه في محاولات سبر غور مداعبات البطل لذاته قبل الزواج ،تشير إلى اكتمال
الكينونة ،إلا أن هذا الاكتمال لا يتأتى عن طريق
أحداث الرواية إلى العضو الجنسي في حقيقته اللذة العضوية فقط؛ لأن اللذة العضوية ُتعد إشبا ًعا
البيولوجية؛ ولكن إلى الدور الذي يضطلع به في مؤقتًا لإرضاء حاجة بيولوجية؛ فمبدأ اللذة هو
الأحداث الدرامية ،تأتي وظيفة المتخيل ،الذي لا مبدأ التوازن ُهنا ،أما الرغبة فإنها تقع وراء تخوم
يتجه نحو خصائص السيدات أي ًضا ،بل يتجه دائ ًما اللذة ،فتتجاوز العتبة التي يفرض مبدأ اللذة ألا
نحو وصف صفاتهم المغايرة باعتبارها موضو ًعا؛ يتجاوزها ،إلا أن التوتر الجنسي وما بعد مبدأ اللذة
ربما يرجع ذلك لحالة الفوضى التي تتسم بها حياة ينطوي حت ًما على طابع مؤلم ،هنا تساؤل يطرحة
البطل الغريزية؛ فالإشباع «لا يرتبط بالموضوع، عالم التحليل النفسي سيجموند فرويد عن كيفية
التوفيق بين التوتر المؤلم والشعور باللذة الجنسية،