Page 191 - ميريت الثقافية- العدد 23 نوفمبر 2020
P. 191
189 ثقافات وفنون
سينما
فقط لأن جز ًءا بسي ًطا من مقدمة واستقبال الطفولة والبراءة الضمير ،وتأكدنا الآن أنه كاذب
شعر «بيتي» ظهر ،وتصرخ بالدم له دلالته الواضحة، كبير .وتنظر «بيتي» له نظرة
الشرطية في عنف« :اخفي وعبور الأم بابنتها على الدم من بدأت تكتشف أنه يكذب،
شعرك» ،وظهرت عصبيَّة المسفوح يعبر به صنَّاع الفيلم فقد سبق وأن قال لها إن
الجميع ،حتى أن أخا محمدي عن أن هذه الأم «بيتي» ستعبر الأجانب لا يجب عليهم ارتداء
من الآن هي وابنتها الأمريكية الشادور ،ومن هنا شعرت أنه
قال« :يجب أن تغطيه بالكامل، حياة دم ،وألم ذبح ،وبمرور
يجب أن لا تكون مهملة ،كل الأم المشمئز يعني أنها ستعبر يستدرجها للحياة داخل إيران،
شعرة لا تغطى تشبه خنج ًرا أزمتها مع المصاعب ،وأنه وفق العادات الإيرانية.
يدخل إلى قلب شهدائنا» .فقط ينبغي عليها أن تتح َّمل المرور
من أجل شعيرات قليلة كانت على الدم حتى تصل ،هل أراد الدم والعنف
ُص َنّاع الفيلم أن يقولوا إن هذه
سببًا في سعادة المُ َشا ِهد حولتها المرأة «بيتي» بوجودها في إيران مع المشاهد الأولى داخل
إيران إلى مأساة على الشاشة، صارت ذبيحة مسفوحة الدم؟ إيران رأينا الانزعاج باد ًيا على
ونجح ُصنَّاع الفيلم في إرسال الشاشة ،كل شيء يبدو ضا ًّجا
ربما.
ما يفيد بأن إيران متخلِّفة مرات في ميدان بإيران ،كانت الأم وعني ًفا ،ذهب هدوء البحيرة
عديدة. «بيتي» تداعب شعر ابنتها وجمال الماء ورأينا النساء
هذا التش ُّدد نراه واض ًحا في ماهيتاب في لقطة ساحرة، يرتدين السواد في مشهد يوحى
مشهد انتظار كبير الأسرة على تشعرك بأحاسيس الأمومة بالبدائية ،حتى أن محمدي كان
الدافئة ،فتحب هذه النفخات
الطعام ،لقد كانت حالة من التي تنفخها الطفلة لشعر أمها، يضحك ضحكات هستيرية
الصمت الغريب ،لم يستطع وإذا ب ُصنَّاع الفيلم يحيلون هذه عالية ،خارجة من الأعماق
أحد أن يمد يده إلى الطعام اللقطة الشاعرية لعنف شديد، كحيوان يجأر ،وكأنه تح َّرر
إلا بعد أن مد الكبير يده ،لقد ظهرت شرطية إيرانية ترتدي من الهدوء الكاذب الذي رأيناه
السواد القاتم تقتحم المشهد؛ يعيشه بزيف في أمريكا ،ورأينا
شعرنا من المشهد أننا في صورة الخميني في كل مكان
معسكر وليس في أسرة ،حتى تظهر بتع ُّمد ،حتى تتخيَّل أنه لا
إن ماهيتاب حين ضحكت رأينا يوجد أحد غيره في إيران .رأينا
نظرات الأسرة في صمت معبر صورته في صلاة الجمعة في
جامع طهران تحيط المكان من
كل اتجاه ،وكأنهم يسجدون
للصورة.
حين ُفتِح باب السيارة وأرادت
ماهيتاب أن تنزل لتدخل في
عمق إيران ،كان مشه ًدا يريد
للمشاهد أن ينزعج ،ويشعره
بالبشاعة ،كان أول ما قابلها
هو الدم المسفوح من خروف
مذبوح بما يوحي بالبشاعة
المقصودة ،المشهد يعبر عن
رؤية الفيلم المنحازة ضد إيران،
أثناء الهروب من إيران