Page 186 - ميريت الثقافية- العدد 23 نوفمبر 2020
P. 186

‫العـدد ‪23‬‬             ‫‪184‬‬

                                                ‫نوفمبر ‪٢٠٢٠‬‬

 ‫استقلاله التام عن الباباوية‬       ‫فريد زينمان‬  ‫بول سكولفيلد‬          ‫أورسون ويلز‬
     ‫وتوليه منصب رئاسة‬
                                         ‫للتضحية بالمركز المرموق‪،‬‬     ‫البريطاني بصفة عامة في سلسلة‬
‫كنيسة إنجلترا‪ ،‬حتى يتسنى‬                 ‫والثراء المضمون‪ ،‬والعائلة‬        ‫مسرحياته التاريخية‪ ،‬أو تلك‬
   ‫له الزواج من عشيقته آن‬          ‫الحنون‪ ،‬بل وبحياته ذاتها إرضا ًء‬      ‫المستقاة من التاريخ الروماني‬
   ‫بولين‪ ،‬وتحقيق حلمه في‬
                                                 ‫لإملاءات الضمير‪.‬‬     ‫مثل مسرحيتي «يوليوس قيصر»‬
‫الحصول على وريث شرعي‬                ‫قدم بولت شخصية مور كمفكر‬                 ‫و»أنتوني وكليوباترا»‪ .‬بل‬
             ‫لمملكة إنجلترا‪.‬‬
                                           ‫أسس لظهور الإنسانوية‬         ‫ويمكن اعتبار أعظم مسرحياته‬
   ‫وينجح هنري الثامن عن‬                    ‫‪ Humanism‬مع كل من‬          ‫التراجيدية‪« ،‬هاملت» و»الملك لير»‬
  ‫طريق الترهيب والترغيب‬               ‫إيراسموس وكوليت‪ ،‬وككاتب‬
‫في كسب جميع أفراد بلاطه‬                ‫متميز عن المدينة الفاضلة في‬       ‫لا تعدو كونها صرا ًعا أخلاقيًّا‬
  ‫إلى وجهة نظره‪ ،‬باستثناء‬             ‫مرجعه الأهم «يوتوبيا»‪ ،‬الذي‬         ‫بين كل من هاملت أو لير من‬
 ‫توماس مور‪ ،‬الذي يتعملق‬                  ‫حاز شهرة عالمية في الدول‬        ‫ناحية‪ ،‬وقوى اعتمدت المداهنة‬
                                          ‫الأوروبية‪ ،‬قبل أن يترجم‬        ‫والنفاق أسلو ًبا لتحقيق مآرب‬
     ‫في صلابته ورفضه الإذعان‬            ‫من اللاتينية إلى الإنجليزية‪.‬‬     ‫سياسية وشخصية من ناحية‬
‫لقسم على الكتاب المقدس يعترف‬           ‫وشخصية مور في هذا النص‬             ‫أخرى‪ ،‬ضاربة عرض الحائط‬
 ‫فيه بأحقية الملك في تحقيق طلبه‬      ‫المتميز تظهر‪ ،‬بما لا يدع مجا ًل‬
                                    ‫للشك‪ ،‬تواضعه الجم‪ ،‬بل ورغبة‬             ‫بكل المثل والقيم الإنسانية‪.‬‬
                     ‫المستحيل‪.‬‬      ‫أكيدة في الامتثال لرغبات مليكه‪،‬‬             ‫يقول بولت في مقدمته‬
      ‫أحاط بولت طرفي الصراع‬          ‫شريطة ألا تتعارض مع إيمانه‪.‬‬
                                     ‫أما القطب الثاني للصراع‪ ،‬فهو‬         ‫للمسرحية‪ ،‬إنه على الرغم من‬
          ‫الدرامي بمجموعة من‬           ‫الملك هنري الثامن ذاته‪ ،‬الذي‬      ‫كل خلافاته العقائدية مع بطل‬
‫الشخصيات المتميزة‪ ،‬لعل أبرزها‬       ‫يصوره النص ديكتاتو ًرا طاغيًا‪،‬‬        ‫مسرحيته‪ ،‬بل وتحفظاته على‬
 ‫الكاردينال وولسي‪ ،‬الذي يفشل‬        ‫وشر ًها في انسياقه وراء الملذات‪،‬‬  ‫كثلكة مور وإيمانه المطلق بقداسة‬
                                        ‫بعنجهية وغرور‪ ،‬دفعته إلى‬        ‫بابا الفاتيكان‪ ،‬إلا أنه على الرغم‬
    ‫في الحصول على إذن باباوي‬           ‫مخالفة تعاليم البابا‪ ،‬وإعلانه‬
 ‫خاص يتيح لملك إنجلترا الطلاق‬                                              ‫من ذلك رأى في تحدي مور‬
‫من كاثرين‪ ،‬أرملة أخيه‪ ،‬والزواج‬                                            ‫للإرادة الملكية‪ ،‬وإصراره على‬
                                                                         ‫التفرقة التامة بين الحق الملكي‬
   ‫من عشيقته آن بولين‪ ،‬ويقوم‬                                               ‫والحق الإلهي الدافع الأوحد‬
   ‫بدوره الممثل العالمي أورسون‬

     ‫ويلز‪ .‬وشخصية ريتشارد‪،‬‬
 ‫المنافق الوصول ّي‪ ،‬الذي لا يتورع‬

    ‫عن خيانة سيده ومثله الأعلى‬
  ‫مور نظير وعد بالمكافأة تجعل‬

     ‫منه يهوذا الذي خان السيد‬
 ‫المسيح‪ .‬كما نتعرف خلال الفيلم‬

    ‫على ابنة مور‪ ،‬المتعلمة والتي‬
  ‫تفوقت في معرفتها باللغات على‬

              ‫ملك إنجلترا ذاته‪.‬‬
 ‫لم يكن ملك إنجلترا جاه ًل بفكر‬

     ‫مور وأخلاقياته ومكانته في‬
   181   182   183   184   185   186   187   188   189   190   191