Page 183 - ميريت الثقافية- العدد 23 نوفمبر 2020
P. 183

‫‪181‬‬  ‫ثقافات وفنون‬

     ‫حـوار‬

  ‫أراه مبر ًرا‪ .‬وكنت أنوي ترجمة‬    ‫ترجمت له أربعة أعمال‬                  ‫وحشو وتنقيح‪ .‬الرسائل حية‬
‫«يسوع في المدرسة»‪ ،‬لكن لم يكن‬     ‫رواية «طفولة جيسوس»‪،‬‬                  ‫وأكثر مصداقية‪ ،‬وخاصة حين‬
‫هناك ترحيب من الهيئة‪ ،‬برغم أن‬                                           ‫يوصي صاحبها بعدم نشرها‪،‬‬
‫العمل بمثابة تكملة لرواية «طفولة‬      ‫«الرجل البطيء»‪،‬‬                ‫وهو ما حدث في حالة هيمنجواي‪.‬‬
                                     ‫«إليزابيث كستلو”‪،‬‬
                    ‫جيسوس»‪.‬‬       ‫“العار»‪ ،‬وقد صدرت كلها‬                    ‫هذه الرسائل تعكس حياة‬
                                  ‫عن سلسلة الجوائز للهيئة‬             ‫هيمنجواي يو ًما بيوم وخاصة أن‬
    ‫نعود إلى الشعر‪:‬‬               ‫المصرية العامة للكتاب‪ .‬ما‬          ‫كتابة الرسائل كانت نشا ًطا يوميًّا‪،‬‬
     ‫«أكتب كما أتكلم‬              ‫الذي يدفعك لترجمة أكثر‬
 ‫وأتكلم كما علمتني أمي‬             ‫من عمل لنفس الكاتب؟‬                   ‫يستريح به من كتابة الأعمال‬
   ‫متجر ًدا من الأكاذيب‬             ‫وهل صدورها جمي ًعا‬               ‫الكبرى أو يستعد به لكتابتها‪ .‬ستة‬
                                   ‫من جانب الهيئة العامة‬
        ‫المدرسية‬                  ‫للكتاب كان له دور عملية‬                ‫آلاف رسالة عدد ضخم ج ًّدا‪.‬‬
‫التي حشرها المدرسون في‬
                                          ‫الاختيار؟‬                  ‫لماذا تم اختيار هذا العدد‬
          ‫رأسي‬                                                       ‫بالتحديد وفي تلك الفترة‬
  ‫ليصنعوا مني مواط ًنا‬               ‫إذا أردنا إجابة مختصرة تما ًما‬  ‫بالذات؟ وهل ‪ 600‬رسالة‬
                                         ‫يمكن أن أقول «إنه التآلف‬    ‫تقري ًبا تستطيع أن تغطي‬
        ‫صال ًحا»‪.‬‬                                                     ‫حياة هيمنجواي كاملة؟‬
‫لماذا يتكلم الشاعر بطريق ٍة‬        ‫الروحي»‪ ،‬نوع من الكيمياء‪ ،‬وهو‬
                                     ‫ما شعرت به تما ًما مع كوتسي‬        ‫كما سبق أن قلت كان الاختيار‬
   ‫ويكت َب بأخرى؟ هذا‬                                                       ‫لمحرر النسخة الإنجليزية‪،‬‬
 ‫التساؤل جاء في قصيدة‬             ‫وأنا أترجم رواية «الرجل البطيء»‪،‬‬
‫لك وكانت إجاباتك‪« :‬لا بد‬                 ‫أول عمل ترجمته له‪ ،‬وكان‬      ‫والرسائل تغطي باستفاضة حياة‬
‫أنها عاهة قديمة» جعلتني‬                                              ‫هيمنجواي من الثامنة عشرة حتى‬
 ‫أتذكر نفسي عندما كان‬                 ‫العمل من اقتراح المسئولة عن‬
 ‫ُيعلق أحدهم على قصيدة‬               ‫تحرير السلسلة في ذلك الوقت‪،‬‬       ‫قبل وفاته بأسبوعين‪ .‬حياته في‬
   ‫لي بكلما ٍت غامضة لا‬             ‫الصديقة سهير المصادفة‪ ،‬ويبدو‬         ‫موطنه وفي إيطاليا ثم سنوات‬
‫أفهمها‪ ،‬فأقول في نفسي «ما‬           ‫أنها أدركت هذا النوع من التآلف‬       ‫باريس‪ ،‬ثم إسبانيا‪ ،‬ثم الحياة‬
‫تعيش عيشة أهلك هو أنت‬             ‫الروحي بيني وبين كوتسي (وهو‬           ‫في كوبا‪ .‬نعرف فيها بالتفصيل‬
 ‫بتتكلم كده مع الناس»!‬
                                       ‫النطق الصحيح للاسم) حين‬         ‫علاقاته المهمة‪ ،‬وكيف كان يفكر‬
   ‫لماذا يلجأ الشاعر إلى‬            ‫قرأت الترجمة‪ ،‬فكلفتني بترجمة‬      ‫ويكتب وينقح‪ ،‬ونعرف حتى عدد‬
   ‫الغموض في قصائده‬               ‫«العار» و»إليزابيث كستلو»‪ ،‬وكان‬    ‫الكلمات التي كان يكتبها في بعض‬
‫وخلق صور معقدة تحتاج‬                ‫من المفترض أن أترجم «يوميات‬
  ‫من القارئ عصر ذهنه‬                                                     ‫الأيام‪ ،‬ونذهب معه في رحلات‬
 ‫وتفكيره لفهمها‪ ،‬في حين‬               ‫عام سيئ»‪ ،‬لكنني لم أترجمها‬       ‫الصيد‪ ،‬في الأنهار والبحار‪ ،‬وفي‬
  ‫أن هناك صو ًرا بسيطة‬               ‫لسوء تفاهم حدث بيننا في ذلك‬      ‫غابات أفريقيا‪ ،‬ونعيش معه وهو‬
 ‫تحمل إيحاءات ودلالات‬                ‫الوقت‪ ،‬ليس هنا مجال الخوض‬         ‫يحارب‪ ..‬إلخ‪ .‬أوه‪ ،‬يبدو وكأنني‬
                                       ‫فيه‪ .‬ومؤخ ًرا ترجمت «طفولة‬    ‫كنت على وشك أن أنسى مصارعة‬
                                      ‫جيسوس»‪ ،‬أو «طفولة يسوع»‬
                                                                          ‫الثيران‪ ،‬التي كان هيمنجواي‬
                                       ‫كما ينبغي أن تكون الترجمة‬                            ‫يعشقها‪.‬‬
                                      ‫لولا خوف القائمين على العمل‬
                                      ‫في هيئة الكتاب‪ ،‬وهو خوف لا‬      ‫لو توقفنا عند ترجمتك‬
                                                                      ‫لـ» ج‪ .‬م‪ .‬كوتسي‪ ،‬لقد‬
   178   179   180   181   182   183   184   185   186   187   188