Page 184 - ميريت الثقافية- العدد 23 نوفمبر 2020
P. 184
العـدد 23 182
نوفمبر ٢٠٢٠
«العملية» -تلك التسمية الشاعرة العتبة السرية، كثيرة أفضل منها بكثير،
التي أطلقتها في إحدى للعالم الخفي الذي هل هو نوع من الفزلكة
قصائدك -قصيدة تصلح الشعر ّية ،أم عدم القدرة
للحياة ،تسطيع من فرط يحتوي أسرار الخلود، على خلق صور بسيطة
واقعيتها أن تلمسها؟ وظيفته الدفع بالذات إلى ومبتكرة؟ أم أن تأثير
التحرر من عوائق التبعية ال ّشعر العمودي مازال
أحاول الإجابة ببساطة ووضوح. السلطوية للمكان ،وجعل يضرب في الدماغ؟ أم ماذا؟
يبدو لي بداية ،حتى لا أنسى، الشعر بطاقته التخيلية
أن معظم الآراء الواردة في هذا ذاتا حوارية ناطقة .مما أكرر «لابد أنها عاهة قديمة»،
يعني أن الأفكار التي ُتبنى الأفضل دائ ًما استخدام أبسط لغة
السؤال محض فلسفة ،مع العلم عليها قصيدة واعية ،هي يمكن أن تخدم الدلالة التي يسعى
بأنني أحب بودلير وأقدر باشلار، التي تعد شكلا من أشكال
وهو رجل علم في المقام الأول .إن العمل التخيلي ،تتجاوز إليها الشاعر .أن يشق الشاعر
الشعر عملية خلق ،أف ِّضل أن تكون حدود الواقعية ،وتخترق طريقه ببساطة .أتذكر الآن بيت
عملية خلق على غير مثال ،بمعنى العالم المرئي وكل المعارف بابلو نيرودا «أحبك لأني أحبك»،
المُقولبة والجاهزة ،لأن هل هناك تعبير أبسط؟ لا أظن.
أن تكون عملية خل ٍق وبد ٍء ،لكن الهدف هنا تحقيق لذة
لا أظن أن شيئًا يخلق من العدم. شعور ّية للشاعر بطرق أظن أن كل هذه العوامل التي
حتى الرب نفسه ،كما تقول الكتب ذك ْر ِتها يمكن أن تساهم في الأمر.
غير اعتيادية وبشكل
المقدسة ،لم يخلق الإنسان من متكرر ومستمر «قصيدة عجز المخيلة الشعرية ،والوقوع
عدم .والعلم ،نعم العلم ،مع أني لا تحت سطوة نماذج معينة من
أصدق الكثير مما يقوله العلم ومما تلو قصيدة».
هل تتفق مع ،أن ال ّشعر التراث ،والتعليم (وما أدراك ما
يقال باسمه ،يقول لنا لا شيء هو عملية خلق من عدم، التعليم).
يخلق من العدم .القصيدة العملية عدم ُمنحجب عن الشاعر
حتى يتم استدعاؤه من ذهب بودلير إلى اعتبار
حلم شعري ،حلم بألا تكون جانبه فينتقل من الوجود «الشعر تجاو ًزا للواقع
المفردة في الشعر مجرد إشارة أو
المخزون إلى الوجود العيني ،فهو ليس
تعبير عن شيء ما بل أن تكون المرئي؟ أم أن هذا كله حقيقة كاملة ،هو ضمن
الشيء نفسه .إنها حلم شعري قد محض فلسفة ،وأن هناك عالم مغاير وأخروي».
لا يتحقق أب ًدا .لكن القصيدة عالم ما يسمى بالقصيدة وجاستون باشلار في
قائم بذاته ،ربما تتماس مع قصائد كتابه «جماليات المكان»
يقول إن هناك ما يسمى
أخرى ،ربما تتماس مع الواقع، «بروح الوجود الناطقة»
لكن ينبغي أن تبقى عالمًا مستق ًّل في عالم الماوراء ،ذلك العالم
السري الذي يكشف للذات
قائمًا بذاته