Page 78 - ميريت الثقافية- العدد 23 نوفمبر 2020
P. 78

‫العـدد ‪23‬‬    ‫‪76‬‬

                                                  ‫نوفمبر ‪٢٠٢٠‬‬

‫يوسف مسلم‬

‫مروى‬

‫وحين أصر شيخ الخفر أن يستبين شرفه المعلق‬            ‫ذات مرة حكى لي عمي عن الجنية التي تقف لي ًل‬
‫بين فخذي البنت‪ ،‬قالت الداية «الطبق سليم‪ ،‬ولم‬          ‫في الطريق المؤدية إلى الجبانة‪ ،‬قال؛ إنها تخطف‬
 ‫يمسسه إنس ولا جان»‪ ،‬وأعلن إمام الجامع في‬              ‫العيال لتطعم صغارها الذين تيتموا‪ ،‬لأن أباهم‬
‫خطبة الجمعة أن مروى شريفة عفيفة‪ ،‬والحليب‬
‫الذي يقطر من ثدييها معجزة ربانية‪ ،‬وفيه شفاء‬       ‫استلبته مروى ابنة شيخ الخفر‪ ،‬بعينيها الرماديتين‬
                                                  ‫كسماء مرشوقة بالغيوم‪ ،‬ونهديها المكورين كقمرين‬
                                 ‫من كل داء‪.‬‬        ‫طاب احتلابهما‪ ،‬فامتثل تحت ركبتيها‪ ،‬تلقمه الخبز‬
        ‫وقفوا طوابير يمتصون حلمتيها‪ ،‬رجا ًل‬
         ‫ونسا ًء وأطفا ًل‪ ،‬وزوجة أبيها تقف على‬         ‫مغمو ًسا بحليبها‪ ،‬فيثأر لها من أبيها وزوجته‪،‬‬
                                                   ‫ونسوة البلد اللواتي اتهمنها بالفحش‪ ،‬لأن حلمتيها‬
          ‫الباب‪ ،‬تتلقى النذور المقدمة إلى الولية‬
    ‫المعجزة مروى‪ ،‬بينما الأب مترب ًعا على دكته‪،‬‬                  ‫تقطران حليبًا‪ ،‬وهي ما تزال عذراء‪.‬‬
                                                    ‫كان يحبو نحوها الصغار لترضعهم تحت شجرة‬
           ‫ما ًّدا يمينه لتتلقى قبلات المحتاجين‪.‬‬
           ‫لقد مصوها م ًّصا‪ ،‬وعبثًا كانت تطبق‬            ‫الجميز الكبيرة خلف الجامع‪ ،‬فيكبرون قبل‬
         ‫فخذيها عن عبث العابثين‪ ،‬ومرة فلحت‬          ‫أوانهم‪ ،‬رضعتان منها كافيتان لأن تجعلا ركبتي‬
     ‫زوجة العمدة‪ ،‬التي لم تصدق بالرواية من‬        ‫الرضيع تخاصمان الأرض‪ ،‬فينتصب ويجري وراء‬
        ‫أصلها‪ ،‬أن تنفذ أصبعها في رحم مروى‬
                                                                ‫جحشتهم‪ ،‬ويبول واق ًفا كما الرجال‪.‬‬
               ‫لتتأكد أنها عذراء‪ ،‬وحين انفجر‬        ‫كانت النسوة يفرحن وهن يستقبلن أطفالهن وقد‬
              ‫الدم في وجهها‪ ،‬ممزو ًجا بالحليب‬     ‫خلعوا الكوافيل مطالبين بألبسة من الدمور‪ ،‬واسع َة‬
             ‫المندفع من حلمة البنت‪ ،‬قالت‪ :‬الله‬
           ‫أكبر‪ ،‬آمنت بالله‪ ،‬وحينها اجتمع أهل‬         ‫الحجر لتستوعب فحولتهم المبكرة‪ ،‬لكن ذلك لم‬
      ‫البلد في لوثة يلعقون الدم عن وجه زوجة‬         ‫يمنعهن من وصفها بالقحبة‪ ،‬بل إن ما من واحدة‬
                                                     ‫منهن لم تتعارك مع زوجها ظنًّا أنه الذي افتض‬

                                                      ‫بكارتها‪ ،‬لكن مروى لا تعلو بطنها ولا تحيض‪.‬‬
   73   74   75   76   77   78   79   80   81   82   83