Page 83 - ميريت الثقافية- العدد 23 نوفمبر 2020
P. 83

‫‪81‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

    ‫قصــة‬

          ‫نفسها أمام شابة شاحبة شحوب الموت‪.‬‬
‫الموت الذي أفقدها الأب والأم والحلم‪ ،‬حتى قبل أن‬
 ‫يصلوا إلى المستشفى‪ ،‬بعد أن أصطدمت سيارتهم‬

                            ‫بسيارة نقل مسرعة‪.‬‬
‫لم تولد سلمى‪ ،‬شعاع النور لها ولأمها‪ ،‬بل أخذتهم‬

       ‫جميعهم‪ ،‬وأخذت معهم طفولتها ومستقبلها‬
                                      ‫وأحلامها‪.‬‬

           ‫صندوق الأحلام‬

 ‫لم تكن في يوم من الأيام تلك الفتاة التي تفضحها‬
   ‫عيناها إذا ما أعجبت بشخص‪َ .‬جمدت مشاعرها‬
   ‫تجاه الرجال‪ ،‬ربما يأتي أحد يو ًما ما‪ ،‬قادر على‬
                       ‫إذابة‪ ،‬تلك الكتلة الجليدية‪.‬‬
   ‫ألقت نظرة على صورته التي تحتضنها أصابعها‬
   ‫المرتعشة‪ ،‬وتذكرت أول مرة وقعت عيناها عليه؛‬

 ‫عرفته منذ النظرة الأولى‪ ،‬هو ‪-‬نعم هو‪ -‬من كانت‬
      ‫تحلم به‪ ،‬شيء ما جذبها إليه‪ ،‬وجعل دقات‬

  ‫قلبها تسرع بجنون‪ ،‬كاد أن ينهي حياتها‪ .‬كان‬
‫بالنسبة إليها أشبه بالسماء التي لا تستطيع أن‬

                                ‫تصل إليها‪.‬‬
 ‫«لا!» أطلقت صرخة ألم‪ .‬هي لا تريد اجترار‬

   ‫ذكرياتها معه‪ .‬فلتتوقف الآن‪ ،‬حتى تنهي‬
                                 ‫مهمتها‪.‬‬

      ‫فتحت دولاب أحلامها تتفقد كنوزها؛‬
 ‫حل ًما‪ ،‬حل ًما‪ .‬كل حلم في صندوق‪ ،‬أُغلق بقفل‬
  ‫المستحيل‪ ،‬كلما أغلقت صندو ًقا‪ ،‬زداها الاستغناء‬

                  ‫قوة‪ ،‬وجل ًدا على مواجهة الحياة‪.‬‬
    ‫فتحت صندو ًقا جدي ًدا‪ ،‬وبيد مرتعشة‪ ،‬وضعت‬
     ‫صورته في قاعه‪ ،‬وما زالت أصابعها المرتعشة‬
    ‫تتشبث بها في يأس‪ ،‬وعيناه تنظران إليها بتح ٍّد‬
   ‫مهين‪ .‬قابلت نظرته من وراء الدموع‪ ،‬وخاطبته‪:‬‬
 ‫«حسنًا‪ ،‬قبلت التحدي‪ ،‬وقررت أن أترك أصابعي‪،‬‬

                                ‫محشورة معك»‪.‬‬
 ‫تطلق صرخة مدوية بعد أن أغلقت الصندوق‪ ،‬بكل‬

                   ‫ما أوتيت من قوة‪ ،‬عليهما معًا‪.‬‬
   78   79   80   81   82   83   84   85   86   87   88