Page 85 - ميريت الثقافية- العدد 23 نوفمبر 2020
P. 85
83 إبداع ومبدعون
قصــة
ها هو الطريق الشرقي يقترب من الطرق الغربي -صباح الخير.
ليلتقيا مجد ًدا وأنا سأنزل قي أول خط التقائهما.. -صباح الخير.
لا أدري من ألقى التحية أو ًل .ولا أدري أي
لا بد أنها في انتظاري؛ فالطريق الغربي أقصر. السيارتين انطلقت أو ًل .المؤسف أنهما لن تسلكا
سأقف تحت شجرة السرو .لا بد أنها ستفكر نفس الطريق .حافلتي سارت على الطريق الشرقي،
بالشجرة مثلي فلقد أخبرتني في أحد الأحلام أنها وحافلتها على الطريق الغربي .لابد أنها تعرفني
تحب الشجر كثي ًرا ،وتود لو نبني بيتنا في إحدى وأعرفها .لكنني ح ًقا لا أذكر .حتى صوتها كان
الغابات ..يبدو أن حافلتها تأخرت قلي ًل .لا بأس مألو ًفا لأذني ،ومطر ًبا وساح ًرا.
من الانتظار بضع دقائق ،وأنا الذي أنتظرها منذ لا ..يا إلهي! إنها الفتاة التي أسكر بسماع صوتها.
سنوات .ها هي الحافلات تمر دون توقف ،رغم هل يعقل أن تكون الفتاة التي سرق الليل لونه
وجود موقف ..توقفت سيارة خضراء ،ثم زرقاء، من شعرها ،وهي نائمة بين يد ّي ..يد ّي اللتين لم
ثم ..وأخي ًرا توقفت حافلة بيضاء ..نزلت منها تجيدا العزف إلا على أصابعها الطويلة الشهية..
امرأة عجوز ..وهكذا توالى الوقت ..أصبح توقف أجل ..إنها هي ..الفتاة التي غرقت في عينيها
السيارات قلي ًل .وإذا ما توقفت سيارة ،ناد ًرا وهما مغمضتان ،وأصبت بالعمى عندما سمحت
ما تكون حافلة .وإذا كانت فملونة ..وقد تمضي لعين ّي بالنظر إلى عينيها مباشرة .أذكر أنهما كانتا
ساعة كاملة دون أن تتوقف حافلة بيضاء ..ومن شمسين سوداوين في سماءين بيضاوين كالثلج.
الحافلات البيض الخمس لم تنزل أنثى إلا المرأة وأذكر أني كنت سعي ًدا ج ًدا عندما عميت لأني لا
أود أن أرى شيئًا بعدهما ..لكن ..هل يعقل أن تكون
العجوز. هي الفتاة التي أحلم بها دائ ًما ،ولا تزورني إلا في
قد يكون حصل حادث للحافلة التي بداخلها الأحلام! أجل ..إنها هي :بشعرها ،عينيها ،صوتها،
حبيبتي .وربما هي الآن في أحد مشافي المدينة أو لكنني لا أحلم :أنا الآن في سيارة ،وهي كانت للتو
إحدى مقابرها .وربما لم تنزل لتلتقي بي لأني في سيارة .لكن ..هل يحتمل أن أكون فتى أحلامها
لست فتاها ،أو لأنها ترى أن الوقت باكر على اللقاء. تما ًما كما هي بالنسبة إلي .لا بد أنني كذلك ،وإلا ما
معنى نظرتها ،تحيتها ..،لابد أنها الآن تفكر بي في
وربما كانت هي المرأة العجوز .وربما.. حافلتها ،تما ًما كما أفعل .لكنني ماذا سأفعل؟ ينبغي
المهم الآن أن أذهب إلى النوم فأنا متعب بعد أن أن ألتقيها ..كفاني انتظا ًرا ..حان الوقت للحلم كي
أضعت هذا اليوم في الانتظار غير المجدي .يجب أن يغدو واق ًعا ،وللسعادة الوهمية أن تصبح حقيقة..
أصحو باك ًرا كي أذهب إلى العمل .قد أحلم بفتاتي
هذه الليلة ،سوف أسألها :لماذا فعلت هكذا؟
تصبحون على خير.