Page 82 - ميريت الثقافية- العدد 23 نوفمبر 2020
P. 82
العـدد 23 80
نوفمبر ٢٠٢٠
تغريد النجار
قصتان
استسلمت للأمر ،وانتظرت مع الجدة ،تثرثر شعاع النور
وتحكي كيف ستستقبل الأخت التي تمنتها
لسنوات ،حتى تؤنس وحدتها هي وأمها التي طالما لم تنم تلك الليلة إلا من شدة الإرهاق ولهفتها على
حلمت بألا تظل صغيرتها وحيدة في الدنيا. اللقاء .قيل لها إنه بطلوع النهار ،ستكون سلمى
كانت تتساءل :لم كل هذا الخوف الذي يكسو وجه
جدتها التي لم تتوقف عن الدعاء لأمها بأن تلد قد وصلت ،لتضيء حياتهم بعد طول انتظار.
بسلامة الله ،وأن يجبر الله خاطرها ،ويعوضها عن بقفزة واحدة ،وفي رشاقة فراشة ،كانت خارج
المرات السابقة التي لم يتم لها حمل لأكثر من شهر سريرها؛ تفتح ستائر الشباك بيديها الصغيرتين،
أو شهرين. لتدخل أشعة الشمس الذهبية ،فتضيء عتمة
توقفت عن رقصتها ،واتجهت نحو التليفون لتتصل الغرفة ،ويدخل معها شعاع أمل جديد.
بوالدها ،وتعرف منه موعد وصول سلمى وأمها، أخذت نف ًسا عمي ًقا ،وعلت الابتسامة وجهها،
ل ٌيفتح الباب فى نفس اللحظة ،وتدخل جدتها ،حاملة وتراقصت في الغرفة وكأنها البطلة في باليه «بحيرة
بين يديها صينية ،يعلوها إفطار شهي ،وبعض البجع».
الأدوية التي تخص الجدة ،في غالب الأمر. بالأمس ،داهمت آلام الولادة أمها؛ فسارع الأب
بنقلها إلى المستشفى ،وباءت كافة محاولاتها في
لكن ،مه ًل! لم تكن جدتها طاعنة في السن ليلة
أمس ،كما هى الآن ،ترى ماذا حدث لها؟ ستسألها إقناعه بالذهاب معهم -لتكون أول المستقبلين
لسلمى -بالفشل .وعندما بكت ،قالت الأم ،من بين
عن ذلك لاح ًّقا.
-جدتي؛ أين ذهب التليفون؟ كان هنا بالأمس. صرخات ما قبل الولادة وآلامها:
أريد أن أكلم والدي لأعرف متى سيأتي بسلمى -انتظرى مع تيته ،وفي الصباح سنأتي ،أنا
وبأمي. ووالدك وسلمى.
تنهار الجدة بالبكاء ،وتديرها إلى المرآة ،لتجد بابتسامة لم تر مثلها على وجه أمها ،منذ
عشرسنوات ،هي عمرها كله.