Page 79 - ميريت الثقافية- العدد 23 نوفمبر 2020
P. 79

‫‪77‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

    ‫قصــة‬

‫والتقم الباشا حلمة والتقمت زوجته الأخرى‪ ،‬وبينما‬                            ‫العمدة‪ ،‬لكن الدم لا ينتهي‪.‬‬
‫كانت مروى تتألم لشراهتهما في المص‪ ،‬تهيج الباشا‬           ‫أخرج العمدة من زريبته ثلاث جواميس ُعشر‪،‬‬
‫وزوجته‪ ،‬فنسيا أن ثم حضو ًرا في الموقف‪ ،‬فافترشا‬
                                                            ‫واقتادها إلى زريبة شيخ الخفر‪ ،‬والد البنت‬
  ‫جسد مروى‪ ،‬وقد أتي الباشا زوجته ثلاثا وقذف‬            ‫المعجزة‪ ،‬كما سمع بذلك الباشا الذي يمتلك عزبة‬
      ‫منيه في رحمها‪ ،‬فسرعان ما علت بطنها‪ ،‬وبدأ‬       ‫في أول البلد قوامها خمسمئة فدان‪ ،‬وألف رأس من‬
                                                     ‫الجاموس‪ ،‬وألف رأس من الأبقار‪ ،‬بخلاف عشرات‬
 ‫يداهمها ألم المخاض‪ ،‬فأسرع الخدم بمواجير المياه‬       ‫الآلاف من النعاج والدجاج والبط والإوز‪ ،‬وكانت‬
  ‫الساخنة وأتت الداية على عجل‪ ،‬بينما الباشا يدفق‬
  ‫في حجر شيخ الخفر زكائب من الجنيهات الذهبية‬            ‫زوجته عاقر‪ ،‬فأرسل إلى شيخ الخفر يأمره أن‬
                                                     ‫يحضر مع مروى‪ ،‬ووضع في حجره من الجنيهات‬
    ‫التي تحمل صورة الملك وقت أن كان للبلد ملك‪.‬‬
   ‫حينها لملمت مروى ثيابها‪ ،‬وباست ثدييها لتهدئ‬        ‫الذهبية التي تحمل صورة الملك‪ ،‬وقت‬
                                                       ‫أن كان للبلد ملك‪ ،‬مئة‪ ،‬وقال له لك‬
     ‫من الألم الذي يعتريهما‪ ،‬ومضت تاركة والدها‬           ‫مثلها إن حبلت امرأتي وأتتني‬
             ‫يحصي ثروته‪ ،‬والباشا ينتظر وريثه‪.‬‬
                                                              ‫بوريث لكل هذا الجاه‪.‬‬
 ‫في الطريق كان الجني زوج الجنية يلهو مع أطفاله‬        ‫عرى شيخ الخفر ثديي مروى‪،‬‬
   ‫بين أشجار الموز‪ ،‬ويدربهم كيف يخيفون البشر‪،‬‬

     ‫فما إن بدت لهم مروى‪ ،‬حتى سارع واحد من‬
‫عياله إلى إخافتها‪ ،‬لكنها لم تخف‪ ،‬كان الحزن أقوى‬

   ‫من الخوف‪ ،‬وهو دائ ًما كذلك‪ ،‬فغضب الجني من‬
 ‫صغيره‪ ،‬وقرر أن يرعب البنت بنفسه‪ ،‬لكنها ما إن‬
‫رأته متمث ًل في شكل وحش عملاق‪ ،‬ضحكت‪ ،‬فاهتز‬

     ‫قلبه‪ ،‬فقالت لعلك بحاجة إلي رشفة من الحليب‬
   ‫المعجزة حتى تبرأ من تشوهك‪ ،‬ففتح فمه والتقم‬

     ‫حلمتها‪ ،‬وإذ به يتحول إلى أرنب وديع‪ ،‬أصاب‬
‫الهول صغاره فعادوا إلى أمهم مسرعين‪ ،‬وأخبروها‬
 ‫بالأمر‪ ،‬قالت أنتم من اليوم يتامى‪ ،‬أبوكم لن يعود‪.‬‬
‫قال الجني لمروى‪ ،‬مريني فإني من الطائعين‪ ،‬حكت‬

  ‫له مروى ما كان‪ ،‬فقرر أن يثأر لها‪ ،‬أصاب زوجة‬
     ‫العمدة بلوثة إذ صار يقطر الحيض من وجهها‬

 ‫ويلعقه أهل البلد ظنًا أنه بركة‪ ،‬أما الباشا وزوجته‪،‬‬
    ‫فقد أنجبت زوجته طف ًل بأذنين طويلتين‪ ،‬وذيل‬
    ‫مشعر‪ ،‬وكأن المني الذي قذفه رحمها كان مني‬

 ‫حمار‪ ،‬بينما أبوها قتل زوجته لأنه رأي على عانتها‬
  ‫منيًّا ليس له‪ ،‬أما أهل البلد فظلوا يلعقون الدم عن‬
 ‫وجه زوجة العمدة‪ ،‬وفي سرهم يقولون‪ :‬إن مروى‬

            ‫قحبة ولكن لبنها بركة وحيضها بركة‪.‬‬
 ‫إذ ذاك قال لي عمي‪ :‬إياك أن تمر من طريق الجبانة‬

  ‫بعد غروب الشمس‪ ،‬ستكون وليمة لأبناء الجنية‪،‬‬
 ‫لكنني صممت أن أمر في تلك الليلة لأتقصى حقيقة‬
  ‫هذه الحكاية‪ ،‬فرأيت الجنية تبكي لأن صغارها لم‬

                  ‫يحظوا برشفة من حليب مروى‪.‬‬
   74   75   76   77   78   79   80   81   82   83   84