Page 169 - m
P. 169

‫‪167‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

  ‫هذا في سورة الزمر حيث‬                    ‫محمد شحرور‬               ‫أولا ًدا وبنات؛ فهل يعد‬
‫سبق الجميع إلى مصائرهم؛‬                                            ‫نوح قومه أن من يؤمن‬
                                      ‫نحاول الآن أن نطبقه‬          ‫معه سيمده الله بأولاد؟‬
        ‫مؤمنون وكافرون‪.‬‬            ‫مع الآيات أعلاه‪ ،‬ولعدم‬       ‫نستطيع أن نصدق هذا إذا‬
    ‫العرش هو رمزية الأمر‬            ‫الإطلالة سأقوم بتناول‬       ‫قام أحدهم بإثبات أن قوم‬
   ‫والنهي‪ ،‬ويستخدم أي ًضا‬                                      ‫نوح كانوا لا يرزقون بذريه‬
   ‫للدلالة على المقام للحاكم‪،‬‬        ‫سريع لمدلولات بعض‬
 ‫كما تم استخدامه مع ملكة‬                          ‫الكلمات‪.‬‬            ‫وهذا لا يقبله العقل‪.‬‬
  ‫سبأ‪ .‬والاستواء هو إحكام‬                                           ‫وأخي ًرا القاعدة الذهبية‬
     ‫السيطرة‪ ،‬فعندما نقول‬            ‫اليد هي ما تمثل قدرة‬         ‫للجرجاني التي تقول إن‬
 ‫استوى ملك السعودية علي‬           ‫الإنسان على فعل الشيء‪،‬‬            ‫المتكلم يستخدم الكلمة‬
    ‫العرش نقصد أنه أحكم‬          ‫فعندما نقول يد في التنزيل‬         ‫لإيصال أكثر من معنى‪:‬‬
   ‫سيطرته على مقاليد حكم‬         ‫الحكيم نستطيع أن نفهمها‬          ‫ضرب أحمد عين محمد‪.‬‬
                                ‫كطرف للإنسان‪ ،‬أو كقدرة‬           ‫شرب أحمد من عين الماء‪.‬‬
                     ‫بلاده‪.‬‬     ‫حسب استخدام المتكلم لها‪،‬‬
     ‫أما عرش الرحمن فهي‬         ‫فإذا كانت اليد تمثل القدرة‬            ‫وهنا استخدم المتكلم‬
    ‫أوامره ونواهيه في خلق‬         ‫إ ًذا قدرة الله فوق قدرتنا‪.‬‬    ‫كلمة عين لإيصال معنيين‬
      ‫الكون‪ ،‬واستواؤه على‬        ‫الوجه من الجهة لأنه يمثل‬        ‫مختلفين‪ ،‬وكما في الجملة‬
                                ‫وجهتنا‪ ،‬واحدى معانيه هي‬        ‫كما في التنزيل الحكيم يمكن‬
        ‫العرش يعني إحكام‬        ‫الوجهة‪ ،‬فوجه الله هي جهة‬         ‫للمتكلم أن يستخدم كلمة‬
  ‫سيطرته على مقاليد الكون‬
                                                      ‫الله‪.‬‬        ‫واحدة لإيصال أكثر من‬
       ‫وفق عرش أي أوامر‬           ‫الساق من يسوق‪ ،‬فسمي‬          ‫معنى‪ .‬ولأهمية هذه القاعدة‬
    ‫ونواهي خاصة بقوانين‬                                        ‫سأقوم بضرب مثال واضح‬
                                   ‫الساق ساق لأنه يسوق‬          ‫وبائن للتدليل على صحتها‬
             ‫تسيير الكون‪.‬‬           ‫الإنسان‪ ،‬وعندما نذكر‬
‫وبعد الانتهاء من استعراض‬            ‫الساق في الآية الكريمة‬                   ‫في كتاب الله‪:‬‬
‫المنهج واستخدامه في تأويل‬          ‫فهو ملاك مخصص لأن‬              ‫« َو َأ َّن ُه َأ ْه َل َك َعا ًدا ا ْ ُلو َل»‬
                                ‫يسوق الناس إلى مصائرهم‬
    ‫الآيات لا أجد إلا كلمات‬       ‫يوم الحساب‪ ،‬وتم تأكيد‬                     ‫(النجم‪.)50 :‬‬
‫قالها دكتور شحرور ونادي‬                                              ‫“ َوأْ ُم ْر َأ ْه َل َك ِبال َّص َل ِة‬
                                                                ‫لَِِرولا ْتَّز ْقًْق َاوص ََنطىبِْح”ْر ُن(َع ََلنط ْيْره َ‪:‬هُزا ُق َ‪َ 2‬لك‪َ 3‬نَ‪1‬وا)ْ ْ‪.‬لس َأَع ُلا َِقك َب ُة‬
   ‫بها قبل وفاته وأكد عليها‬                                        ‫في الآيتين تم ذكر كلمة‬
 ‫مرا ًرا وتكرا ًرا‪“ :‬لا تأخذوا‬                                   ‫(أهلك)‪ ،‬إلا أنها في الأولى‬
   ‫كلامي مسلمات‪ ،‬فابحثوا‬                                          ‫كان مدلولها الهلاك‪ ،‬وفي‬
                                                                ‫الثانية كان مدلولها الأهل‪،‬‬
     ‫وناقشوا وصححوا ما‬                                          ‫مع أن الكلمتان متفقتان في‬
     ‫توصلت إليه‪ ،‬كتاب الله‬                                        ‫المبنى إلا أن استخدامهما‬
   ‫من حي إلى أحياء فاتلوه‬                                         ‫من قبل الله حسب النظم‬
 ‫بأعينكم وتفقهوه بعقولكم‪.‬‬                                           ‫والسياق العام أدى الى‬
  ‫أنا أريد أنا أرى صدق الله‬
  ‫العظيم في عصري‪ ،‬أنا كما‬                                                  ‫معاني مختلفة‪.‬‬
     ‫رآه من كانوا في عصر‬                                        ‫وبعد أن استعرضنا المنهج‬
  ‫الرسول لأتأكد أن التنزيل‬
  ‫الحكيم من عند الله‪ .‬رحم‬
‫الله الدكتور شحرور وجعل‬

            ‫علمه في ميزانه‬
   164   165   166   167   168   169   170   171   172   173   174