Page 174 - m
P. 174

‫العـدد ‪56‬‬                                                             ‫‪172‬‬

                              ‫أغسطس ‪٢٠٢3‬‬                                                       ‫أكمل صفوت‬

 ‫لأصل الداء‪ ،‬وهو تشخيص‬        ‫مقدمة قبل البدء‪ :‬لماذا‬        ‫مدخل «علي مبروك» لمعضلة توتر القرآن‬‫(ارهوس‪ ،‬الدانمرك)‬
 ‫يوضح فيه أن توتر القرآن‬                                        ‫الإنسان الفاعل والقرآن الحي‪..‬‬
                                  ‫علي مبروك؟‬
      ‫ليس هو المشكلة‪ ،‬وأن‬
    ‫جذور المعضلة تكمن في‬       ‫هذه هي المقالة الثالثة عن‬
    ‫داخل العقل المسلم‪ ،‬وفي‬
  ‫الدور المحوري الذي لعبته‬     ‫معضلة توتر القرآن وكيف‬
‫السياسة في تشكيل مفاهيمه‬           ‫تعامل معها المفسرون‪.‬‬

         ‫الدينية والعقائدية‪.‬‬     ‫وقد اخترت ‪-‬في المقالتين‬
 ‫وسأحاول في الجزء الأكبر‬            ‫السابقتين‪ -‬أن أتناول‬
‫من هذه المقالة شرح فلسفة‬            ‫بالعرض وبعض النقد‬
 ‫علي مبروك ورؤيته لجذور‬
                                ‫والتحليل مدخلين فكريين‬
      ‫المشكلة‪ ،‬ثم أقدم نبذة‬     ‫لهذه القضية‪ ،‬وهما مبحث‬
 ‫مختصرة عن رؤيته لكيفية‬        ‫«مقاصد الشريعة» ونظرية‬

    ‫التعامل مع توتر القرآن‬        ‫«تحليل الخطاب»‪ ،‬وذلك‬
  ‫باعتبار هذا التوتر عنص ًرا‬  ‫لأنني تصورت أنهما يقدمان‬
 ‫رئيسيًّا فيما أسماه «القرآن‬
                                  ‫للباحث في هذا الموضوع‬
                   ‫الحى»‪.‬‬      ‫مناهج فكرية وأدوات عقلية‬
 ‫وقد استعنت في هذه المقالة‬
                                 ‫قد تمكنه من التعامل مع‬
   ‫بمجموعة من محاضرات‬          ‫تلك القضية بما هي أهل له‬
      ‫علي مبروك وكتاباته‪،‬‬      ‫من العمق والتعقيد‪ ،‬ولأنني‬
                               ‫تصورت أن ما يقترحاه من‬
 ‫وبالأخص كتاب «نصوص‬
    ‫حول القرآن‪ :‬في السعي‬          ‫مناهج لقادرة على تقديم‬
   ‫وراء القرآن الحى» الذي‬        ‫حلول أو نتائج ديناميكية‬
    ‫استعرت منه الكثير من‬        ‫متجددة ومتعددة تستطيع‬

‫الفقرات (مكتوبة بخط أسود‬          ‫كسر الحالة الحالية من‬
    ‫وموضوعة بين علامتي‬          ‫الجمود الفكري والمساجلة‬
          ‫التنصيص «‪.)»..‬‬
                                          ‫وتكرار الأفكار‪.‬‬
‫الحضرة السلطانية‬                ‫وقد اخترت في هذه المقالة‬
‫وقهر الإنسان الفاعل‬             ‫الثالثة والأخيرة أن أتناول‬
                              ‫الإسهام الفكري لعلي مبروك‬
‫لا يسع أي باحث في القرآن‬      ‫(‪ )٢٠١٦ -١٩٥٨‬حول نفس‬
 ‫أن يتجاهل محورية قضية‬
                                    ‫القضية وذلك لسبين‪:‬‬
      ‫خلق القرآن في تكوين‬     ‫الأول‪ :‬أن مدخل علي مبروك‬
      ‫وتركيب العقل المسلم‬
 ‫وتعامله مع الوحي‪ .‬غير أن‬           ‫الفكري في التعامل مع‬
‫علي مبروك هو الوحيد الذي‬       ‫توتر القرآن يدمج في آلياته‬
 ‫أشار إلى أن «القرآن في تلك‬     ‫الفكرية تفاع ًل بين مبحث‬
   ‫القضية لم يكن إلا ساحة‬
                                 ‫المقاصد ونظرية الخطاب‪.‬‬
                                 ‫الثانى‪ :‬أن علي مبروك لم‬

                                   ‫يقدم فقط اقترا ًحا لحل‬
                              ‫معضلة التوتر‪ ،‬بل تشخي ًصا‬
   169   170   171   172   173   174   175   176   177   178   179