Page 176 - m
P. 176

‫العـدد ‪56‬‬         ‫‪174‬‬

‫أغسطس ‪٢٠٢3‬‬   ‫يؤكد على قبول فكرة التعامل‬
               ‫مع القرآن باعتباره حوا ًرا‬
               ‫مع الواقع‪ .‬وهو ما يتضح‬

              ‫أي ًضا في الروايات المشهورة‬
                 ‫عما فعله عمر من تعطيل‬

             ‫بعض الأحكام القرآنية لتغير‬
                               ‫الظروف‪.‬‬

                  ‫تجربة الجيل الأول من‬
                 ‫الصحابة ‪-‬إذن‪ -‬تكشف‬
              ‫عن «روح تخاصم الأطلقة‬
                 ‫(بمعني وجود مفاهيم‬
               ‫أزلية ثابتة مطلقة) وعن‬

                  ‫إدراك للوحي كساحة‬
                 ‫للحوار المفتوح الذي لا‬
              ‫يتقيد ألا بدواعي الصلاح‬
               ‫ووجوه المصلحة»‪ .‬يقول‬
             ‫أبو المعالي الجويني (‪-١٠٢٨‬‬
              ‫‪« )١٠٨٥‬إن سبر (أي جرى‬
                 ‫فحص) أحوال الصحابة‬
             ‫رضي الله عنهم وهم القدوة‬
                 ‫والأسوة في النظر‪ ،‬لم ير‬
                  ‫لواحد منهم في مجالس‬
               ‫الاستشوار (أي المشاورة)‬
                  ‫تمهيد أصل أو استثارة‬
               ‫معني ثم بناء الواقعة عليه‬
              ‫(كما فعل اللاحقون عليهم)‬
             ‫ولكنهم يخوضون في وجوه‬
                 ‫الرأي من غير التفات إلى‬
               ‫الأصول كانت أو لم تكن‪..‬‬
              ‫إنما كانوا يرسلون الأحكام‬

                    ‫ويعلقونها في مجالس‬
                    ‫الاستشوار بالمصالح‬
                   ‫الكلية»‪ .‬وكل هذا يثبت‬
               ‫ويؤكد رأي علي مبروك أن‬
               ‫«الوحي ليس هو الأصل‬
              ‫المنتج للأطلقة بل هو أول‬

                            ‫ضحاياها»‪.‬‬
             ‫غير أن هناك تحو ًل سياسيًّا‬
             ‫قد حدث ويمكننا متابعته من‬
   171   172   173   174   175   176   177   178   179   180   181