Page 180 - m
P. 180

‫العـدد ‪56‬‬                          ‫‪178‬‬

                                                                                                                          ‫أغسطس ‪٢٠٢3‬‬                     ‫آية قطب‬

   ‫ففي الوسط الذي بعث فيه‬                                                                                                 ‫ينتشر بين المسلمين ذكر‬                  ‫المعجزة ‪ ..‬عند «جورج طرابيشي»‬
  ‫النبي محمد انتشرت أخبار‬
  ‫بعض المعجزات التي حدثت‬                                                                                                     ‫معجزات النبي محمد عليه‬
‫للأنبياء من قبله‪ ،‬كما كان من‬                                                                                              ‫الصلاة والسلام‪ .‬وقد أصبح‬
  ‫المنتظر ظهور خاتم النبيين‬                                                                                               ‫الإيمان بحدوث تلك المعجزات‬
‫كما بشرت به الكتب السابقة‪،‬‬                                                                                                ‫‪-‬يكاد يكون‪ -‬ركنًا من أركان‬
   ‫فكان الناس يتوقعون بعث‬
  ‫نبي جديد بمعجزة جديدة‪.‬‬                                                                                                      ‫الدين الإسلامي‪ ،‬ومن لم‬
  ‫ومع ظهور النبي بدأ الناس‬                                                                                                 ‫يؤمن بحدوث تلك المعجزات‬

       ‫يسألونه عن معجزته‬                                                                                                       ‫فإنه مشكوك في إيمانه‪،‬‬
    ‫ليصدقوا أنه نبي من عند‬                                                                                                  ‫ولكن في كتاب «المعجزة أو‬
   ‫الله‪ ،‬وهو في كل مرة يقول‬
 ‫لهم إن الآيات عند الله‪ ،‬وإنه‬                                                                                                 ‫ثبات العقل في الإسلام»‪،‬‬
‫بشر رسول ليس بيده شىء‪،‬‬                                                                                                        ‫يحاول جورج طرابيشي‬
‫وهنا كان يزداد شك الكافرين‬                                                                                                 ‫النظر لمعجزات النبي‪ ،‬بشكل‬
                                                                                                                          ‫مختلف عما هو متعارف عليه‬
                  ‫في نبوته‪.‬‬                                                                                                 ‫بين المسلمين وسنحاول في‬
   ‫والله دائ ًما ما كان يتحدث‬                                                                                               ‫هذا المقال عرض لما جاء في‬

      ‫للنبي ألا يكون في شك‬                                                                                                                    ‫الكتاب‪.‬‬
   ‫من رسالته‪ ،‬ولا يكون من‬                                                                                                   ‫يناقش جورج طرابيشي في‬
    ‫الممترين‪“ :‬ٱل َح ُّق ِمن َّر ِّب َك‬                                                                                    ‫هذا الكتاب معنى المعجزة في‬
    ‫َف َل َت ُكو َن َّن ِم َن ٱلمُم َت ِري َن”‬                                                                             ‫الإسلام‪ ،‬وهل الإسلام دين‬
‫(البقرة‪ ،)147 :‬وأنه هو النبي‬
    ‫والرسول الخاتم‪ ،‬وحتى‬                                                                                                     ‫كبقية الأديان أتى رسوله‬
                                                                                                                            ‫بمعجزة أم هو القرآن فقط‪،‬‬
      ‫عندما تأخر الوحي عن‬                                                                                                  ‫فهو ينفي حدوث أي معجزة‬
 ‫النزول إليه بسبب أنه تسرع‬                                                                                                   ‫عينية مادية متعلقة بالنبي‬
‫في وعد المشركين بأن يأتيهم‬                                                                                                  ‫محمد‪ ،‬هو نبي بلا معجزة‬
                                                                                                                            ‫ودليله الوحيد الذي أتى به‬
    ‫بالإجابة بدون الاستعانة‬                                                                                                 ‫للبشر هو القرآن‪ ،‬والكتاب‬
 ‫بالمشيئة‪ ،‬وهو ليس بيده أي‬                                                                                                   ‫مليء بالآيات القرآنية التي‬
                                                                                                                             ‫تؤيد فكرته في عدم وجود‬
   ‫شىء لا لنفسه ولا لغيره‪،‬‬
 ‫ونزل له جبريل بالآية‪َ « :‬و َل‬                                                                                                         ‫معجزة مادية‪.‬‬
‫ََتَرغ ُقَّبًداوَكَلإِإََِّّنلَذالَِأ ََْننش َِْيسييٍءَشَإاِت َِّنء َواي ُقل ََّْفُللا َِعَوعاٌل َْذس َُذكلىِْر َ َأك ْن‬      ‫يتحدث جورج طرابيشي‬
   ‫َي ْه ِد َي ِن َر ِّبي ِ َل ْق َر َب ِم ْن َه َذا‬
  ‫َر َش ًدا» (الكهف‪.)٢٤ ،٢٣ :‬‬                                                                                                   ‫في الفصل الأول‪ ،‬وهو‬
                                                                                                                             ‫الفصل الأساسي والأكبر‪،‬‬
     ‫ويؤكد الرسول أنه ليس‬                                                                                                     ‫عن المعجزة عمو ًما‪ ،‬وعن‬
  ‫بيده حول ولا قوة‪ُ « :‬قل َّل‬                                                                                                ‫وجود المعجزة مع الأنبياء‬
‫َأإِ َّْمللِ َُكمالِ َن َ ْفشا َِءس ايل َّ َنُل ْف ًَعواَل ْوَو َ ُكلن ُ َتض َأ ًّرْاع َل ُم‬                              ‫الذين بعثوا قبل النبي محمد‪،‬‬
                                                                                                                             ‫ولكن النبي محمد هو نبي‬
                                                                                                                             ‫بدون معجزة‪ ،‬فقط القرآن‬
                                                                                                                            ‫هو الوسيلة الذي يقنع بها‬
                                                                                                                              ‫متبعيه للإيمان برسالته‪.‬‬
   175   176   177   178   179   180   181   182   183   184   185