Page 183 - m
P. 183
181 الملف الثقـافي
من سبقوه ،بل يزداد تفسي ًرا جورج طرابيشي هذا نظير ما أُعطي موسى
وتو ُّس ًعا في نفس المعجزة، كالحجر الذي انفقلت منه
ويورد فيها المعجزات النبي الخارقة للطبيعة ولا العيون الاثني عشر ،وكعبور
الإيجابية من تأييد النبي يتأتى لبشر أن يفعلها، الوادي في غزوة خيبر وهذا
بشيء مادي أو استجابة نظير ما أُعطي موسى من
دعوته بشكل إيجابي ،أي وبذلك يناقض ما قاله في عبور البحر ،تكثير الطعام،
عندما يدعو دعا ًء بالخير البداية عن بشرية الرسول تسبيح الحصى بين يديه،
لأحد ،لأن هناك معجزات وإلهية القرآن ،بل ويطمس شفاء المجذومين وإحياء
سلبية وهي دعاؤه على هذه البشرية بهذه المعجزات الموتى وهذا نظير ما أُعطي
شخص ،فقد دعا على صبي عيسى ،تحويل المياه المالحة
قطع عليه صلاته أن يقطع الخوارق التي ذكرها،
الله أثره ف ُأقعد. وبذكرها والتركيز عليها نقلل لمياه عذبة.
ولم يكتف القاضي العياض ثم ينتقل بنا للبيهقي الذي
بذلك بل ألحق المعجزة من قيمة القرآن الأساسية كان يعاصر الماوردي ،وهنا
والقدرة الخارقة والتعظيم والتي يبنى عليها الإسلام
ونركز في ثانوية المعجزة التي يمتلىء كتابه بالمعجزات،
ليس بأفعاله وأقواله فقط بل لا تمثل دعامة قوية لتأكيد ولكن سنجد أنه يتوسع في
بأشيائه وكل ما يلمسه أو المعجزة وشرحها والمزايدة
يلبسه ،وبإفرازاته :بعرقه صحة الدين. عليها ويأتي بروايات متعددة
وبصاقه ونخامه وماء ثم ينتقل بنا إلى القاضي للمعجزة الواحدة ،فالمعجزة
وضوئه وشعره وكل ما عياض في النصف الأول
التي تأخذ عند بن هشام
يتعلق بالنبي الكريم ويخصه. من القرن السادس في أربعة أسطر وهي سلام
ثم انتقل بنا الكاتب إلى بن كتاب الشفا بتعريف حقوق الحجر والشجر على النبي
المصطفى ،فنجد أن معجزات الكريم يفرد لها البيهقي با ًبا
كثير وكتابه البداية والنهاية، بن هشام العشر تتضاعف
وهو لم يزد في عدد المعجزات اثنى عشرة مرة لتصل إلى كام ًل.
مائة وعشرين معجزة ،وهي ولم يتوقف البيهقي عند
بل انتهج منه ًجا آخر ،وهو مليئة بالمعجزات التي تشبه إلحاق المعجزات بالنبي
أن ذكر للمعجزة الواحدة كل المعجزات المذكورة في كتب
فقط ،بل كانت ُتلحق
الروايات التي ذكرتها حتى بصحبته أي ًضا ،ونجد فيها
ولو كانت عشر روايات.
والسبب في ذكر ذلك كما خرق للقوانين الفيزيائية
والبيولوجية ،فقد روى
ذكر الماوردي في كتابه دلائل أن بعض الصحابة كانت
النبوة أن المعجزات هي من أصابعهم وعصيهم تضيء
أخبار الآحاد ،ومعروف لهم الطريق بالليل أو عن من
أن أخبار الآحاد في المعرفة
الإسلامية موضع جدل، تحدث بعد موته.
ويتعجب الكاتب من كتاب
والذي رمى إليه بن كثير من دلائل النبوة للبيهقي الذي
وراء ذكره لكل الروايات ،هو يفتتح كتابه بتعظيم القرآن،
أنه عندما تتعدد أخبار الآحاد
وأنه كلام إلهي ،ويقر
عن المعجزة الواحدة فكأن ببشرية النبي ،ولكنه ُيسود
تعددها ذلك يوحي من ورائه ثلاث آلاف صفحة بمعجزات