Page 187 - m
P. 187

‫‪185‬‬                            ‫الملف الثقـافي‬

‫تأملات في جدل الإعجاز القرآني‬  ‫إيمان رفاعي‬        ‫المشركين‪ ،‬يسمعون آيات‬                  ‫منذ بداية نزوله تفاعل مع‬
                                                ‫القرآن فيتهمون النبي (عليه‬
                                                 ‫السلام) أنه شاعر مجنون‬                    ‫الإنسان‪ ،‬أثار الجدل حوله‬
                                                                                          ‫وعليه‪ ،‬وما زال يثيره حتى‬
                                                   ‫وساحر وأنه افترى ذلك‬
                                                 ‫من عند نفسه‪ ،‬فيرد القرآن‬                   ‫اليوم‪ ،‬قرآن حي وساحة‬
                                                ‫عليهم بآيات تنفي عن النبي‬                    ‫لإنتاج الأفكار واختلاف‬
                                                                                         ‫الأفهام‪ ،‬جدل بدأ من خطاب‬
                                                   ‫الشعر والسحر والجنون‬                 ‫إلهي إلى بشر عن طريق بشر‬
                                                 ‫ويؤكد على مصدر الوحي‪،‬‬
                                                   ‫وأشير هنا إلى بعض تلك‬                               ‫وبلغة البشر‪.‬‬
                                               ‫الآيات التي توضح جز ًءا من‬                   ‫الجدل في قضية الإعجاز‬
                                                  ‫صورة ذلك الجدل‪“ :‬وإذا‬
                                                 ‫ُتتلى عليهم آيا ُتنا بيِّنا ٍت قال‬           ‫القرآني من ضمن هذه‬
                                                ‫الذين كف ُروا للح ِّق لمَّا جاء ُهم‬          ‫الجدالات التي لا تنتهي‪،‬‬
                                                ‫هذا سح ٌر ُّمبي ٌن” (الأحقاف‪:‬‬              ‫اخترت أن أكتب مقالي عنه‬
                                                ‫‪“ .)7‬وقا ُلوا يأ ُّيها الذى ُن ِّزل‬         ‫ليس بهدف عرض جهود‬
                                                                                             ‫الباحثين والدارسين في‬
                                                    ‫عليه ال ِّذك ُر إ َّنك لمج ُنو ٌن»‬   ‫قضية الإعجاز‪ ،‬فهي عصية‬
                                                    ‫(الحجر‪“ ،)6 :‬وي ُقو ُلون‬             ‫على الحصر في مقال على كل‬
                                                  ‫أئنَّا لتار ُكوا ءالهتنا لشاع ٍر‬         ‫حال‪ ،‬وهي متاحة لمن أراد‬
                                                 ‫مج ُنو ٍن” (الصافات‪،)36 :‬‬                 ‫البحث عنها وقراءتها‪ ،‬إنما‬
                                                  ‫“وما صاح ُب ُكم بمج ُنو ٍن”‬             ‫هي رحلة تفكير في أسئلتي‬
                                                ‫(التكوير‪“ ،)22 :‬وما علَّمن ُه‬
                                                 ‫ال ِّشعر وما ينبغى ل ُه إن ُهو‬                   ‫وخواطري حولها‪.‬‬
                                               ‫إ َّل ذك ٌر و ُقرءا ٌن ُّمبي ٌن» (يس‪:‬‬         ‫الإعجاز لغة‪ :‬العجز هو‬
                                                    ‫‪“ ،)69‬إ ّنهۥ لقو ُل ر ُسو ٍل‬              ‫الضعف وعدم القدرة‪،‬‬
                                                 ‫كري ٍم‪ ،‬وما ُهو بقول شاع ٍر‬              ‫فووالملاع َّننس ْبَأى ُقاي‪،‬لإِيفاْقعتانجلا‪:‬يز؛ َأاْعلو ََفجم ْونَزهُنتقيول‬
                                                 ‫قلي ًل ما ُتؤم ُنون‪ ،‬ولا بقول‬
                                                    ‫كاه ٍن قلي ًل ما تذ َّك ُرون‪،‬‬                          ‫ال َأعشى‪:‬‬
                                                    ‫تنزي ٌل من ر ِّب العلمين”‬              ‫َفذا َك ولم ُي ْع ِج ْز من المو ِت‬
                                                ‫(الحاقة‪“ ،)43 -40 :‬وقال‬
                                                 ‫الذين كف ُروا إن هذا إ َّل إف ٌك‬                              ‫َر َّبه‪،‬‬
                                                    ‫افترا ُه وأعان ُه عليه قو ٌم‬            ‫ولكن َأتاه المو ُت لا َي َت َأ َّب ُق‬
                                                    ‫آخ ُرون فقد جا ُءوا ُظل ًما‬         ‫وقال الليث‪َ :‬أ ْع َج َزني فلان إِذا‬
                                                     ‫و ُزو ًرا‪ ،‬وقا ُلوا أساطي ُر‬          ‫َع َج ْز َت عن طلبه وإِدراكه‪.‬‬
                                                   ‫الأ َّولين اكتتبها فهي ُتملى‬
                                               ‫عليه ُبكر ًة وأصي ًل‪ُ ،‬قل أنزل ُه‬          ‫كيف نشأت قضية‬
                                               ‫الذي يعل ُم ال ِّس َّر في ال َّسماوات‬          ‫الإعجاز؟‬
                                                    ‫والأرض إ َّن ُه كان غ ُفو ًرا‬
                                                 ‫رحي ًما” (الفرقان‪.)6 -4 :‬‬                     ‫نشأت قضية الإعجاز‬
                                                                                            ‫القرآني مما يسمى آيات‬

                                                                                              ‫التحدي‪ ،‬التي نزلت في‬
                                                                                             ‫إطار عام من الجدل مع‬
   182   183   184   185   186   187   188   189   190   191   192