Page 190 - m
P. 190

‫أو نفيًا‪ ،‬أو جد ًل‪ ،‬أو سجا ُل‪..‬‬   ‫التعامل مع بنية وطبيعة القرآن‬
  ‫إلخ‪ ،‬وعبر طبيعته الحوارية‬       ‫كنص وكتاب له مركز في المعنى‬

        ‫يظهر تعدد الأصوات‪،‬‬          ‫وبؤرة دلالة‪ ،‬وأن هذا المركز هو‬
‫الصوت الإلهي‪ ،‬وصوت النبي‬             ‫مقصد المتكلم (المطلق)‪ ،‬جعلت‬
 ‫وأزواجه‪ ،‬وأصوات المؤمنين‪،‬‬           ‫المناهج المختلفة في محاولات‬
 ‫وأصوات المشركين‪ ،‬وصوت‬
                                      ‫دائمة للوصول إلى مقصده‪ ،‬بل‬
  ‫أهل الكتاب واليهود‪ ،‬ويظهر‬            ‫والصراع لسيادة دلالة ومعنى‬
 ‫به أنماط مختلفة من الخطاب‬        ‫واحد‪ ،‬وجعلهم أي ًضا يحاولون رفع‬
                                    ‫التناقض والتباين المتصور حول‬
   ‫(تهديدي‪ ،‬وعدي‪ ،‬ابتهالي‪..‬‬       ‫القرآن بآليات كالناسخ والمنسوخ‪،‬‬
      ‫إلخ)‪ .‬إذن بنية الخطاب‬
                                                      ‫والعام والخاص‪.‬‬
 ‫بطبيعتها الحيوية أكثر تعقي ًدا‬
   ‫من النص‪ ،‬ولا يمكن إنتاج‬            ‫يقول نصر حامد أبو زيد‬        ‫من مفهوم النص إلى‬
     ‫خطاب مثل خطاب إلا أن‬          ‫(‪ )2020 -1943‬إن محاولة‬         ‫مفهوم الخطاب وبين‬
             ‫يكون تكرا ًرا له‪.‬‬    ‫فتح معنى النص القرآني دون‬        ‫المعنى والمغزى‪ ،‬في‬
  ‫يفرق نصر بين مستويين‬                                             ‫فهم الإعجاز اللغوي‬
                    ‫للنص‪:‬‬            ‫أن يكون انفتاح المعنى هذا‬
     ‫مستوى «المعنى» وهو ما‬           ‫مؤ َّس ًسا على إعادة صياغة‬          ‫للقرآن‬
    ‫يفهمه المتلقي للنص وقت‬        ‫لماهية مفهوم وطبيعة القرآن‪،‬‬
   ‫صدوره في زمنه بسياقاته‬             ‫يصبح فتح المعنى معتم ًدا‬         ‫التعامل مع بنية وطبيعة‬
     ‫المختلفة‪ ،‬ونصل إليه عبر‬         ‫على النوايا الحسنة وردود‬     ‫القرآن كنص وكتاب له مركز‬

 ‫تحليل اللغة وكيفية استخدام‬                          ‫الأفعال‪.‬‬       ‫في المعنى وبؤرة دلالة‪ ،‬وأن‬
     ‫دلالات المفردات في وقت‬            ‫توصل نصر أبو زيد إلى‬         ‫هذا المركز هو مقصد المتكلم‬
              ‫وعصر النص‪.‬‬            ‫أن القرآن في بنيته وطبيعته‬
                                     ‫مجموعة خطابات شفاهية‬               ‫(المطلق)‪ ،‬جعلت المناهج‬
‫ومستوى «المغزى» الذي يكون‬             ‫حسب ترتيب النزول على‬           ‫المختلفة في محاولات دائمة‬
    ‫نتاج تفاعل قارئ معاصر‬         ‫بضع وعشرين سنة‪ ،‬وأنه من‬
   ‫بأسئلته وسياقاته الثقافية‬        ‫المهم إدراك طبيعته كخطاب‬          ‫للوصول إلى مقصده‪ ،‬بل‬
     ‫والمعرفية‪ ،‬مع نص قديم‬                                              ‫والصراع لسيادة دلالة‬
                                             ‫قبل تحليل النص‪.‬‬
 ‫بسياقاته الثقافية والتاريخية‬     ‫خطابات حاضر فيها المتحدث‬         ‫ومعنى واحد‪ ،‬وجعلهم أي ًضا‬
      ‫والمعرفية‪ ..‬إلخ‪( .‬المعنى‬                                          ‫يحاولون رفع التناقض‬
                 ‫التاريخي)‪.‬‬         ‫والمخاطب والمتلقي حضو ًرا‬
                                       ‫حيًّا‪ ،‬فينعكس في القرآن‬    ‫والتباين المتصور حول القرآن‬
    ‫سمعت تسجي ًل لنصر أبو‬                                           ‫بآليات كالناسخ والمنسوخ‪،‬‬
      ‫زيد‪ ،‬كان فيه ضي ًفا على‬       ‫ردود فعل المخاطبين تأيي ًدا‪،‬‬             ‫والعام والخاص‪.‬‬

   ‫برنامج «حوارات الفكر مع‬
‫وليد سيف»‪ ،‬سأذكر هنا جز ًءا‬

    ‫من كلامه يتعلق بالإعجاز‬
 ‫القرآني‪ ،‬يقول نصر‪« :‬القرآن‬
  ‫معجز‪ ،‬فهو يتضمن عناصر‬

   ‫في تعبيراته اللغوية تتجاوز‬
   ‫أفق اللغة العادية‪ ،‬يستخدم‬
   185   186   187   188   189   190   191   192   193   194   195