Page 188 - m
P. 188

‫العـدد ‪56‬‬                                    ‫‪186‬‬

                             ‫أغسطس ‪٢٠٢3‬‬

                                   ‫في محاولة الإجابة عن‬                     ‫آيات التحدي‬
                             ‫السؤال‪ :‬ما الذي أعجز العرب‬
                                                             ‫في خضم حالة الجدل مع‬
                               ‫في القرآن الكريم؟ فاختلفت‬
                                     ‫الإجابة والاتجاهات‪.‬‬     ‫المشركين تبدأ مرحلة التحدي‬

                             ‫نبذة عن تناول أوجه‬              ‫وتتصاعد‪ ،‬يزعم المشركون‬
                              ‫الإعجاز في القرآن‬
                                                             ‫أنهم لو شاءوا لقالوا مثل‬

                                                             ‫القرآن‪ ،‬وأن محم ًدا افتراه‬
                                                             ‫من عند نفسه‪ ،‬فيرد عليهم‬

                                 ‫على غرار محاولات رفع‬        ‫القرآن ويتحداهم أن يأتوا‬
                                  ‫التوتر عن القرآن كانت‬        ‫َءما َين ُت َنامثلَقاه‪ُ:‬لواْ“ َوَقإِ ْدَذا َ ُتس ْت ِمَ ْلع َناَع َلَل ْي ْو ِه ْم‬
                                ‫محاولات رفع التوتر عن‬          ‫َن َشا ُء َل ُق ْل َنا ِم ْث َل َه َذا إِ ْن َه َذا‬
                                  ‫قضية الإعجاز‪ ،‬انطلا ًقا‬    ‫إِ َّل َأ َس ِطي ُر ا ْ َل َّولِي َن” (الأنفال‪:‬‬
                                ‫من حالة دفاعية بدأت مع‬        ‫َّ‪ِّ1‬مل ْث‪3‬لُِي)ِه ْ‪،‬ؤإِِم“ُننَأ ْومَكَناَي‪ُ،‬ن ُقوَفواْ ْلُل َيوْأَ َُتصنوِداَْتِق َقيِب ََّوَنَحل»ُِهدي َب ٍثل‬
                               ‫المعتزلة بالقول إن الإعجاز‬    ‫(الطور‪ُ “ ،)34 -33 :‬قل لَّئِ ِن‬
                                 ‫بال َصرفة‪ ،‬ثم بدأ يتشكل‬     ‫ا ْج َت َم َع ِت ا ْلِن ُس َوا ْل ِج ُّن َع َل‬
                             ‫اتجاه الإعجاز اللغوي (بلاغة‬     ‫َأََب(لاْنعل َإي َُيْأ ْأضُتسُتُهوروْامَاْنءلِ‪ِ:‬بَِبب ِمِْعمْ‪8‬ث ْثلِِ‪8‬لٍ ِه)ض‪َ،‬هَوََذَظل“ا َأِْهواْميْل ًَُرقكَيااْرُقَ”َءنوا ُل ِنو َن‬
                                   ‫ونظ ًما وبيا ًنا)‪ ،‬وكانت‬  ‫ا ْف َت َر ُه ُق ْل َف ْأ ُتواْ ِب َع ْش ِر ُس َو ٍر‬
                                  ‫حاضرة بشكل هامشي‬           ‫ا ُِّمك ْْثنسلُِت َتِهْم َط ُمْعَْفُت َصتمَِدر َِقي ِّمي ٍ َتنن»َُدوا(وْد ِهُنعواواْدل‪َ َّ:‬لِم إ‪ِِ3‬ن‪1‬ن)‪،‬‬
                                  ‫فكرة الإعجاز بالإخبار‬      ‫َن َّز ْل َنا‬  ‫َ“ع ََولإِنَع ْب ُكِدنَن ُتا ْم َف ْأِ ُتفواَْر ْيِب ٍُبسوِّم َرَّماٍة‬
 ‫والقاضي عبد الجبار (توفي‬      ‫عن الغيبيات ومشتقة منها‬        ‫ِّمن‬
       ‫‪415‬هـ)‪ ،‬وعبد القاهر‬                                   ‫ا ُ(ِّدمْافْثلَوتلِبَرِِهنق ُهراَوةاُلق َّ‪ْ:‬دْلِل ُعإِ‪َ3‬فو ْنأاْ‪ُ 2‬ت) ُ‪،‬كوُاْنش ُتَ“هِبَْأمَد ْاُمسَء ََويُكصَُقرمِدوٍة ِقُل ِّيم ِّومَ ْننثَنلِ» ِه‬
                                        ‫الإعجاز العلمي‪.‬‬      ‫َُدواوْد ِنُع اواْل َّلَِمإِِننا ُْكسن َتُت َْطم ْع ُت َمص ِد ِّمِقين َن»‬
‫الجرجاني (‪471 -400‬هـ)‪.‬‬        ‫القول بال َصرفة من بعض‬                        ‫(يونس‪.)38 :‬‬
     ‫اتجاه الإعجاز اللغوي‬     ‫المعتزلة‪ :‬معنى ال َصرفة أن‬
     ‫(نظم وبلاغة وبيان)‪:‬‬                                     ‫من هنا كانت قضية إعجاز‬
     ‫وهو اتجاه الأكثرية من‬      ‫الله قد صرف العرب عن‬
                              ‫معارضة القرآن مع قدرتهم‬        ‫القرآن عند العلماء الدارسين‬
‫العلماء الذين كتبوا في قضية‬   ‫على الإتيان بمثله‪ .‬وأول من‬
     ‫الإعجاز‪ ،‬أولهم الجاحظ‬                                   ‫لها بمعنى عجز المعاندين عن‬
                                ‫قال بالصرفة هو إبراهيم‬
‫مرو ًرا بأبي سليمان الخطابي‬    ‫ال َن َّظام (‪221 -160‬هـ) في‬   ‫الإتيان بمثله‪ ،‬وبذلوا الجهود‬
  ‫(‪388 -319‬هـ) وأبو بكر‬      ‫مطلع القرن الثالث الهجري‪،‬‬
     ‫الباقلاني والقاضي عبد‬   ‫فقد رأى أن نظم القرآن غير‬
                             ‫معجز‪ ،‬وأن إعجازه من حيث‬
                               ‫الإخبار عن الأمور الماضية‬
                                ‫والآتية‪ ،‬ومن جهة صرف‬
                             ‫الدواعي عن المعارضة‪ ،‬ومنع‬
                              ‫العرب عن الاهتمام به جب ًرا‬
                                ‫وتعجي ًزا‪ ،‬وأول من خالفه‬
                                ‫ورد عليه تلميذه الجاحظ‬
                             ‫(‪255 -159‬هـ) ثم أبو بكر‬
                              ‫الباقلاني (‪403 -338‬هـ)‪،‬‬
   183   184   185   186   187   188   189   190   191   192   193