Page 189 - m
P. 189
187 الملف الثقـافي
سمعت صوتي يتساءل “ما الغيب” وجه الإعجاز القرآني الجبار ،ووصل ذروته مع
المعنى من إعطاء الإنسان في إشاراته الكونية وآياته عبد القاهر الجرجاني في
كتابيه «دلائل الإعجاز»
قدرة ما ثم تقييدها وجبره العلمية ،والتي يراها الرازي
على عدم استخدامها؟ وأين سر خلود وحي الله وسر و»أسرار البلاغة».
يكمن التحدي في ذلك؟ وكيف إعجازه للإنسانية. اتجاه الإعجاز العلمي
يثبت الن َّظام وجود القدرة (جزء من الغيبي) :ظهر
دون تفعيلها واستعمالها؟ أسئلة وخواطر جدلية عند بعض العلماء إما كوجه
-رغم انبهاري بدقة ألفاظ مختصرة رئيسي من وجوه الإعجاز
أو كوجه بعيد عند آخرين،
القرآن وبيانه وإعجابي -عندما قرأت مفهوم أبرز فخر الرازي (-543
الشديد بجهود علماء اتجاه الإعجاز بالصرفة عند 606هـ) في تفسيره “مفاتيح
الإعجاز اللغوي ،والتي لم إبراهيم الن َّظام المعتزلي،
أعرض جز ًءا منها ،لأنها
ليست هي هدف مقالتي
وكي لا يفقد القارئ تركيزه،
فدائ ًما ما كانت تجول
بخاطري بعض الأسئلة :إن
كان الإعجاز مدر ًكا للناس
في عهد النبوة بسبب توفر
العلم بلغة العرب وتصاريف
ألفاظها ودقائق بلاغتها ،فأين
موقع الإعجاز من الناس في
زماننا؟ أم يقتصر إدراكه
على الدارسين المتخصصين
للغة والبيان؟ أليس هو قرآن
للناس كافة؟
ذلك السعي الحثيث لإثبات
الإعجاز وإظهاره ،بداية من
المعتزلة قدي ًما حتى المحدثين،
وإعادة المنتج قدي ًما في أشكال
عدة وتكراره ،يشير إلى واقع
مجتمعات عاجزة عن إدراك
أو لمس ذلك الإعجاز بنفسها
كلما ابتعدنا زمنيًّا عن زمان
نزول الوحي ،يطرح هذا
تساؤلات أخرى :هل الإعجاز
مرتبط بزمن نزول الوحي؟
أم وقوعه يرتبط بالإدراك
الخاص لكل إنسان؟