Page 195 - m
P. 195

‫‪193‬‬      ‫الملف الثقـافي‬

‫طه حسين‬  ‫د‪.‬محمد أحمد خلف الله‬    ‫جمال عمر‬                         ‫الأحيان ع َّما هو موجود‬
                                                                  ‫في المعاجم العربية لأنهم‬
 ‫قال هذا ربي فلما أفلت قال‬        ‫في القرآن فسروها على هذا‬       ‫رأوا أن النص هو الأصل‬
    ‫لا أحب الآفلين” فجعلوا‬        ‫النحو لاعتمادهم أن القرآن‬     ‫وينبغي التركيز على كيفية‬
                                                                  ‫استخدام القائل للمفردة‬
  ‫أصحاب الفيل هم أصحاب‬             ‫كتاب حكمة يدعو إلى قيم‬      ‫والتي ليست بالضرورة أن‬
    ‫غياب الرؤيا عن الحقائق‬        ‫السلام والمحبة ويركز على‬     ‫تتطابق مع استخدام العرب‬
    ‫الجلية ولذلك فهم فشلوا‬
                                    ‫العقل والنفس الإنسانية‬          ‫المتغير لها مع اختلاف‬
  ‫في مسعاهم وكيدهم لأنهم‬         ‫والقيم المجردة لا على العنف‬   ‫العصور والأزمنة والبيئات‬
  ‫تنكبوا لطريق العقل والعلم‬                                     ‫الاجتماعية وتغير الثقافات‬
                                                 ‫والماديات!‬
    ‫والمعرفة وظلوا في غيهم‬            ‫كما اعتمدوا أن الأصل‬       ‫الإنسانية كسنة من سنن‬
   ‫يعمهون وهذا ينطبق على‬             ‫في الأسماء الموجودة في‬                       ‫الكون!‬
‫كل زمان ومكان ولا يقتصر‬              ‫القرآن أنها لا تأتي على‬
    ‫على القصة التي اختلقها‬        ‫سبيل التعيين سوا ًء أكانت‬       ‫وسأتناول بعض الأمثلة‬
 ‫التراثيون من وحي خيالهم‬         ‫أسماء أشخاص أو حيوانات‬         ‫والنماذج التي توصلوا لها‬
                                    ‫أو طيور أو أشياء مادية‬
      ‫على فيل أبرهة‪ ،‬ولذلك‬          ‫ملموسة بل هي أوصاف‬            ‫في معاني المفردات أذكر‬
     ‫لم يعتمد القرآنيون على‬         ‫وصفات لأفعال وأحوال‬            ‫من ذلك كلمة «قتل» في‬
‫الروايات والأحاديث وأسباب‬        ‫وقيم مجردة معنوية‪ ،‬فمث ًل‬      ‫القرآن لا تعني بالضرورة‬
     ‫النزول والسيرة النبوية‬       ‫كلمة الفيل في قوله “ألم تر‬     ‫سفك دماء أو إنهاء لحياة‬
‫لأنهم قالوا إنها وضعت بعد‬           ‫كيف فعل ربك بأصحاب‬         ‫إنسان بل جعلوه بذل أقوى‬
  ‫عصر التنزيل واختلقت من‬          ‫الفيل” فقالوا إنها من أفول‬      ‫وأقصى جهد لمنع شيء‬
    ‫وحي الخيال للتأثير على‬         ‫النجم وغيابه كما في قوله‬      ‫وإحلال مكانه شيء آخر‬
   ‫النص القرآني بل ولبِّ َس ْت‬     ‫“فلما رأى الشمس بازغ ًة‬    ‫كما في قوله “واقتلوهم حيث‬
 ‫تلبي ًسا احترافيًّا بحبكة فنية‬                                 ‫ثقفتموهم وأخرجوهم من‬
                                                                ‫حيث أخرجوكم” ففسروا‬
                                                                 ‫القتال هنا بالقتال الثقافي‬
                                                                  ‫الفكري واستخدام نفس‬
                                                                ‫المُخرجات كما يحدث مث ًل‬
                                                                    ‫الآن في علوم الإخراج‬
                                                               ‫السينمائي أو المسرحي كي‬
                                                                  ‫يتم الإصلاح عن طريق‬
                                                                    ‫الحوار والقتال المعرفي‬
                                                               ‫فيدرأ الجهل بالعلم والظلام‬
                                                                ‫الفكري بالتنوير بد ًل عنه‪،‬‬
                                                                ‫كما في قول الحق “فاقتلوا‬
                                                              ‫أنفسكم” أي اقتلوا الخصال‬
                                                               ‫السيئة التي فيكم بالخصال‬
                                                                    ‫الحسنة واقتلوا النفس‬
                                                                   ‫الأمارة بالسوء بالنفس‬
                                                              ‫اللوامة وكل كلمة قتل وذبح‬
   190   191   192   193   194   195   196   197   198   199   200