Page 199 - m
P. 199
197 الملف الثقـافي
محمود محمد طه محمد أبو القاسم حاج حمد على منهجية التش ُّيؤ ،ولا
ينصرف هذا المعنى قط إلى
فالكلمتين ليستا مترادفتين من زاوية الوسيط الذهني المفاهيم اللاهوتية وأفكار ما
ولا يستخدمان في القرآن للتص ُّور ،فك ُّل أ َّمة تتكلَّم كما وراء الطبيعة (الميتافيزيقا).
الكريم بنفس المعنى .فالأولى
تعنى ملامسة معنوية تمس تف ِّكر ،ونحن نعلم بأ َّن لغة -2لتمييز في استخدام
القرآن هي الوسيط الذهني اللغة :لعل أبرز ما يميز
الأفكار والعقل المجرد. للتص ُّور؛ فالكلمة تستدعي طرح الحاج حمد هو انطلاقه
والثانية تعنى المباشرة من فرضية أساسية وهي
بالحواس .وكذا فرق بين تصو ًرا معيَّنًا مقيَّ ًدا في التمييز بين الاستخدام الإلهي
خمار وحجاب وأميين وأهل دلالاته إلى بيئة تاريخية للغة والاستخدام البشري.
وثقافية معيَّنة ،والقرآن فالاستخدام الإلهى للمادة
كتاب.. ينحو في دلالات المفاهيم إلى اللغوية ،ولأ ِّي مادة في الكون
-3منهج ومنهجية :المنهج الضبط والمنهجية ،على غير يختلف نوعيًّا عن الاستخدام
عبارة عن الآليات المتضافرة ما هو شائع وسائد ومتغير البشري ،مع وحدة خصائص
في ذهنية العائد المتصور، المادة ،فحين يستخدم الل ُه
التي تكشف عن الحقائق اللغ َة العربية في التنزيل فإنه
المعرفية المختلفة في مجالاتها إ َّن الاستخدام القرآني يستخدمها وفق مستوى
للمفردة اللغوية يعطيها إله ٍّي يقوم على الإحكام
المختلفة والمتنوعة .ومن الطابع المرجعي المرتبط بدلالة المطلق ،فلا يكون في القرآن
المنهج برز مصطلح أكثر المفردة أينما استخدمت في مترادفان توظي ًفا ضمن
دقة وانضبا ًطا وهو المنهجية القرآن ،فإننا نرجع في ذلك جناس وطباق؛ لهذا فإن
إلى ك ِّل استخداماتها في ك ِّل الأمر يتطلب عند أبي القاسم
التى هى تقنين المنهج في الدراسات القرآنية أو ما
وهى باختصار النظم العام الكتاب. يعرف بعلم القرآن قامو ًسا
للمفاهيم والقوانين والمتدخل مثال على هذا نجد أنه فرق (أ ْل ُسنًا معرفية) ،يستند في
بين استخدام (مس) و(لمس) تحديد دلالات ألفاظ القرآن
في صياغة الفرضيات. المنهجية والمعرفية إلى نظرية
وبدون المنهجية يكون الفكر (العائد) المعرفي أو المرجع أو
الوسيط.
ويضع لذلك ثلاثة أمور
في عملية توصيل الدلالات
المفردة ،وهي :الكلمة ،والأمر
الذي تشير إليه ،والتصور
العقلي المتش ِّكل عن هذا
الأمر في ال ِّذهن ،وذلك خلا ًفا
للتص ُّور التقليدي لفقه
اللغة والمعاني؛ فخصائص
اللغة دائ ًما ما تأتي مرتبطة
بخصائص الأمة التي تتكلمها