Page 196 - m
P. 196

‫العـدد ‪56‬‬                         ‫‪194‬‬

                              ‫أغسطس ‪٢٠٢3‬‬                     ‫للتشويق والإثارة الدرامية‬
                                                                ‫كما فعل ابن إسحاق في‬
    ‫حسب الدور الوظيفي‬                ‫التي شوهها العرب‬
       ‫الموكل إليه‪ .‬ولذلك‬         ‫تختص بوظائف تنطبق‬        ‫سيرته لأنه كان قا ًّصا شعبيًّا‬
                               ‫على كلا الجنسين فمث ًل في‬       ‫له علاقات وطيدة ببلاط‬
 ‫خرجوا من مأزق التمييز‬        ‫تفسيرهم “الرجال قوامون‬            ‫الحاكم كي يسلي الناس‬
      ‫العنصري الجنسي‪.‬‬         ‫على النساء” جعلوا الرجال‬         ‫ويبث من خلاله حكايات‬
                                 ‫تنطبق على كلا الجنسين‬         ‫وقصص ومزايدات فنية‬
‫فمث ًل هم يرون أن خطاب‬        ‫وهو صفة لكل من يستطيع‬            ‫شعبية ثم اتخذها الناس‬
‫التأنيث في قوله “المؤمنين‬     ‫تحمل المسؤولية وقادر على‬         ‫دينًا بعد ذلك بالرغم عن‬
  ‫والمؤمنات” لا يقصد بها‬      ‫أداء وظيفته على أكمل وجه‪،‬‬
                                   ‫فالمرأة لها حق القوامة‬  ‫عدم ذكرها في النص القرآني‬
    ‫الذكور والإناث ولكن‬           ‫والعصمة والرئاسة إن‬                         ‫صراح ًة!‬
 ‫المؤمنين هم الأعلى درجة‬         ‫تمكنت من آداء وظيفتها‬
   ‫في إيمانهم من المؤمنات‬         ‫باقتدار وكذلك لها حق‬          ‫وركز القرآنيون على أن‬
                                                                ‫القرآن نص حكمة كامل‬
     ‫وهذا الخطاب يشمل‬                 ‫المساواة في الميراث‬   ‫موحد يخاطب كل إنسان في‬
      ‫الرجل والمرأة فمث ًل‬     ‫والشهادة ولها حق التملك‬     ‫أي زمان ومكان وغير قاصر‬
 ‫يمكن للمرأة أن تكون من‬         ‫واتخاذ قرارها في الزواج‬     ‫على بيئة وعصر معين فقط‪،‬‬
‫المؤمنين والرجل يكون من‬                                       ‫ولذلك حاولوا أن يخرجوا‬
   ‫المؤمنات ولذلك وصف‬            ‫بدون ولي إن أرادت ذلك‬      ‫من قصص السيرة وأسباب‬
 ‫مريم عليها السلام بقوله‬         ‫ولها حق اختيار أزيائها‬        ‫النزول وأطلقوا النص في‬
   ‫“وكانت من الراكعين”‬                                     ‫ساحات رحبة وآفاق واسعة‬
‫ولم يقل الراكعات لتمكنها‬           ‫بكل حرية فالقرآن لم‬         ‫وسماوات عالية وجعلوا‬
                               ‫يتدخل في ذلك ولها حرية‬      ‫للنص ظاه ًرا وباطنًا وغاصوا‬
            ‫وعلو إيمانها!‬                                  ‫في بحار معانيه حتى يلتقطوا‬
 ‫أما عن رؤيتهم للقصص‬              ‫التنقل والسفر وتقرير‬
                                 ‫مصيرها كالرجل تما ًما‪،‬‬          ‫درره وكنوزه وحلقوا‬
    ‫القرآني فهم يرون أنه‬      ‫فجعلوا كلمات امرأة وأنثى‬       ‫بأجنحته في آفاق فضاءاته‬
    ‫قصص للعظة والعبرة‬           ‫ونساء ونسوة لا تختص‬        ‫المعرفية فهو غزير في دلالاته‬
  ‫والهداية والحكمة وليس‬          ‫بجنس جندري معين بل‬         ‫وجزيل في أساليبه البلاغية‪،‬‬
   ‫قص ًصا تاريخيًّا واقعيًّا‬      ‫تمتد لكلا الجنسين على‬
                                                                 ‫ولذلك خرجوا بمعاني‬
     ‫بل هو فني إرشادي‬                                        ‫مختلفة اختلا ًفا جذر ًّيا عما‬
     ‫للتوجيهات الإنسانية‬
                                                                       ‫قدمه التراثيون‪.‬‬
                                                                  ‫فمث ًل في قضايا المرأة‬
                                                           ‫جعلوها متساوية في الخطاب‬
                                                               ‫القرآني تما ًما مع الرجل‪،‬‬
                                                               ‫فجعلوا أن الحق لا يفرق‬
                                                           ‫بينهما وأن الخطاب القرءاني‬
                                                            ‫يتحدث عن النفس الإنسانية‬
                                                             ‫الواحدة ولا يميز في لسانه‬
                                                               ‫بين امرأة ورجل أو ذكر‬
                                                            ‫وأنثى لأن كل تلك المسميات‬
   191   192   193   194   195   196   197   198   199   200   201