Page 201 - m
P. 201

‫‪199‬‬  ‫الالململففالالثثقـقاـاففيي‬

 ‫فيظهر دين الله على الدين كله‬             ‫في ذاته للخروج من هذا‬
    ‫ويدخل الناس في دين الله‬                              ‫المأزق‪.‬‬
                    ‫أفوا ًجا‪.‬‬
     ‫نأتي للقراءة الثانية وهي‬        ‫يرى أبو القاسم أن ما يصدر‬
       ‫متسقة مع الجمع بين‬            ‫عن المطلق فهو مطلق‪ .‬لذا فهو‬
     ‫القراءتين وهي “منهجية‬           ‫يرى أن القرآن الكريم مطلق‪.‬‬
                                     ‫وكامتداد لهذه الفكرة يؤسس‬
 ‫القراءة التحليلية” التي تعتمد‬
 ‫على التفكيك والتركيب اللذين‬           ‫أبو القاسم لفكرة أن القرآن‬
 ‫يساهمان في نقد الموجود‪ .‬ثم‬            ‫الكريم هو الكتاب المسطور‪،‬‬
  ‫يأتي التركيب ليخرج بنتائج‬
  ‫جديدة تناسب مقام الألوهية‬              ‫بينما الكون هو كتاب الله‬
‫الأزل ّى‪ ،‬والبعد الغيب ّي‪ ،‬ومطلقية‬     ‫المنثور‪ .‬لذا فالتطابق بينهما‬

   ‫الإنسان والكون والطبيعة‪،‬‬                               ‫وارد‪.‬‬
     ‫وتركيزه هنا على التحليل‬         ‫وانطلا ًقا من رؤيته أن القرآن‬
   ‫والتركيب يماثل الثورة على‬
    ‫ما هو سائد والذي فصل‬               ‫كتاب منهجي معرفي‪ ،‬عالمي‬
   ‫بين المتصلات‪ .‬ووصل بين‬                  ‫يستلزم القراءة العلمية‬

                ‫المنفصلات‪.‬‬              ‫والمنهجية بأدوات معرفية‬
‫فالرؤية التوحيدية عنده توحد‬          ‫جديدة وعصرية تحرر النص‬
                                    ‫الإلهي مما أحاط به من مفاهيم‬
  ‫بين الغيب كبعد مركزي عند‬            ‫خاطئة ومدسوسة‪ .‬ويحاول‬
 ‫أهل الأديان الثلاثة‪ .‬والطبيعة‬
 ‫كبعد مركزي عند العلمانيين‪.‬‬               ‫اكتشاف أين تكمن هذه‬
                                    ‫الإطلاقية‪ .‬وكيف يتعامل معها‪.‬‬
     ‫والإنسان كبعد وسيطي‬
 ‫بينهما‪ .‬وهنا تكتمل الجدليات‬            ‫فحاول اكتشاف حيز يملأ‬
 ‫الثلاثة دون مقاربة أو مقارنة‬         ‫ما بين مطلق الطبيعة ومطلق‬
  ‫بين الطرف اللاهوتى المتمثل‬
‫في التفسير أو الطرف الحداثي‬              ‫الغيب‪ .‬عبر رابطة زمانية‬
   ‫التنويري المتمثل في التأويل‬           ‫مكانية‪ ،‬لئلا يكون المنهج‬
                                    ‫تخرجات وإبداعات فنية‪ .‬فيرى‬
      ‫المصلحى‪ ،‬لأنهم في رأيه‬        ‫أن القرآن الكريم قادر على بناء‬
  ‫حاولوا اعتماد منهج انتقائي‬           ‫المنهج العلمي الكوني الذي‬
‫تلفيقي توفيقي‪ ،‬فهم لم يقرأوه‬          ‫من خلاله تستطيع الإنسانية‬
                                    ‫تصحيح مسارها وانحرافاتها‪،‬‬
   ‫من الداخل‪ ،‬وهم بانتقائهم‬          ‫وإحداث التغيير في العالم كله‬
       ‫هذا أبطلوا النسق الكلي‬        ‫واحتواء متناقضاته والقضاء‬
                                        ‫على سلبياته وتحويلها إلى‬
‫للمنهجية القرآنية‪ .‬هذا بالنسبة‬         ‫عوامل تفاعل بنَّاء‪ .‬وتجاوز‬
‫للحداثيين‪ .‬أما اللاهوتيون فهم‬          ‫ثنائية الصراع والتقابل‪ .‬إلى‬
                                        ‫وحدة في تنوع وتوحد في‬
   ‫قد تشددوا فيما لا يعلمون‪،‬‬         ‫تعدد‪ .‬وذلك “بمنهجية الجمع‬
   ‫واستمدوا فهمهم من واقع‬             ‫بين القراءتين؛ قراءة الكتاب‬
  ‫تاريخاني محدد بنتاج ثقافي‬              ‫المسطور «القرآن الكريم»‬
                                    ‫وقراءة الكتاب المنثور «الكون»‪،‬‬
     ‫ومركب اجتماعي محدد‪.‬‬
   196   197   198   199   200   201   202   203   204   205   206