Page 206 - m
P. 206

‫العـدد ‪56‬‬                           ‫‪204‬‬

                              ‫أغسطس ‪٢٠٢3‬‬                         ‫علمه الغزير‪ ،‬لديه شغف‬
                                                               ‫بالمعرفة والبحث عنها‪ ،‬مع‬
     ‫ختا ًما لم يركن إلى حب‬                ‫أمينة ودود‬            ‫استعداده لتغيير رأيه إذا‬
       ‫السكينة إلا أقوام على‬                                    ‫استجد عليه جديد‪ .‬ولكن‬
                              ‫تنازلات بسيطة‪ ،‬ولكنه رفض‬        ‫كأستاذ جامعي كانت إحدى‬
   ‫شاكلتنا‪ ،‬فقد أهملنا خدمة‬     ‫تما ًما وانحاز لمبادئه فعاش‬      ‫مميزات أبو زيد سعادته‬
       ‫عقولنا حتى أصبحت‬         ‫نصر إنسا ًنا ومات إنسا ًنا‪،‬‬   ‫حين يجد طالبًا مختل ًقا معه‬
                               ‫وسوف يذكر التاريخ ‪-‬ولو‬         ‫فى الرأى‪ ،‬فيحاوره بصبر لا‬
     ‫كالأرض البائرة التى لا‬       ‫بعد حين‪ -‬أن هذا الرجل‬      ‫ينتهي‪ ،‬هو صبر المعلم الجيد‬
‫يصلح فيها نبات‪ ،‬وحتى مال‬        ‫قام بتغيير جذري في العقل‬     ‫الذي يرفض التعليم بالتلقين‪.‬‬
‫بنا الكسل إلى معاداة كل فكر‬                      ‫المسلم»‪.‬‬
                                                                 ‫وقال أبو الغار عن نصر‬
    ‫صالح مما يعده أهل هذا‬                                      ‫الإنسان إنه استمر كما هو‬
   ‫الزمن حديث غير مألوف‪،‬‬                                        ‫هذا الفلاح الطيب المكافح‪،‬‬
    ‫وكثير ما يكتفي الكسول‬
  ‫ضعيف الحجة‪ ،‬بأن يرمى‬                                           ‫والواعي بمشاكل وطنه‪،‬‬
  ‫بكلمة باطلة على حق ظاهر‬                                     ‫فانحاز بطبعه إلى الكادحين‪،‬‬
 ‫فيقول تلك بدعة فى الإسلام‬
   ‫وما يرمى بهذه الكلمة‪ ،‬إلا‬                                     ‫وكانت عينه عليهم طوال‬
‫حب التخلص من عناء الفهم‪،‬‬                                          ‫الوقت‪ .‬وخاض معركته‬
  ‫والخروج من مشقة إعمال‬                                       ‫الفكرية بكل جرأة وشجاعة‬
  ‫العقل‪ ،‬وسيأتي اليوم الذي‬
    ‫تعلم فيه الأجيال القادمة‬                                        ‫واقتدار‪ ،‬لم يخف ولم‬
   ‫حجم وقدر مفكر إنساني‬                                         ‫يتنازل‪ ،‬واصطدم بالكثير‬
‫ننتسب إليه‪ ،‬كان هدفه الأول‬                                      ‫من أصدقائه الذين أرادوا‬
‫والأخير هو الإنسان‪ .‬فسلا ًما‬                                 ‫ح ًّل سلميًّا للأزمة مع تقديم‬

          ‫على روحه العطرة‬

                                                              ‫الهوامش‪:‬‬

 ‫‪ -١‬عنوان هذه الورقة هو فى الأصل موضوع بحث ألقاه الدكتور نصر حامد أبو زيد‪ ،‬عن ابن‬
‫رشد فى المؤتمر الدولى الفلسفي الأول للفلسفة الإسلامية في نوفمبر ‪ ،1979‬تحت رعاية جامعة‬

     ‫عين شمس‪ ،‬وجاء فى مفتتح بحثه‪ ،‬أن الحديث عن ابن رشد هو الحديث عن العقل المهاجر‬
            ‫العقل الذي طردته الثقافة العربية الإسلامية‪ ،‬وتلقفته الثقافة الأوروبية الناهضة‪.‬‬
           ‫مراد وهبه‪ ،‬مفارقة ابن رشد‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬الهيئة المصرية العامة للكتاب‪.2017 ،‬‬
                             ‫‪ -٢‬عيد عبد الحليم‪ ،‬الحرية وأخواتها‪ ،‬مكتبة مدبولى‪ ،‬ص‪.129‬‬

   ‫‪ -٣‬نصر حامد أبو زيد‪ ،‬مفهوم النص دراسة في علوم القرآن‪ ،‬الهيئة العامة للكتاب‪.١٩٩٣ ،‬‬
  ‫‪ -٤‬حمدى الشريف‪ ،‬القرآن بين النص والخطاب في رؤية محمود طه ونصر أبو زيد‪ ،‬ما بعد‬

                               ‫مفهوم النص‪ :‬القرآن من النص إلى الخطاب‪ ،‬القاهرة‪.٢٠١٦ ،‬‬
   201   202   203   204   205   206   207   208   209   210   211