Page 202 - m
P. 202

‫العـدد ‪56‬‬                            ‫‪200‬‬

                                ‫أغسطس ‪٢٠٢3‬‬                                 ‫فاستلبوا القرءان‪.‬‬
                                                                    ‫نأتى الآن للقراءة المنهجية‬
 ‫‪ -2‬طور اكتشاف الثنائيات‬           ‫نقطة مهمة ج ًّدا وهي كيف‬          ‫المعرفية وهى تعنى طرح‬
      ‫بين الظواهر‪ :‬فهنا بين‬           ‫ينظر إلى القرآن الكريم‪.‬‬   ‫الأفكار ضمن قالب واحد بيِّن‪،‬‬
                                                                   ‫دون الحياد عنه‪ .‬والمنهجية‬
  ‫عناصر الكون ترابط‪ ،‬وليس‬         ‫فهو ينظر له باعتباره مطل ًقا‬      ‫تب ًعا لذلك ترفض التناقض‬
‫في حالة بعثرة‪ ،‬والعلاقة بينها‬   ‫صاد ّرا عن مطلق‪ .‬ويتعامل مع‬        ‫والتضارب في الآراء‪ .‬وهى‬
                                 ‫القرآن الكريم من منطلق هذه‬
   ‫علاقة ترابط‪ ..‬كالعلاقة بين‬                                          ‫تقنين للفكر من دونها‬
‫الليل والنهار والشمس والقمر‪.‬‬       ‫الإطلاقية‪ .‬ويرى أنه مركب‬       ‫تكون الأفكار مجرد خواطر‬
                                  ‫بإطلاقيته هذه على مستوى‬
    ‫‪ -3‬طور نسق التوحيد‪:‬‬           ‫الحرف قبل المفردة‪ ،‬وبالتالى‬         ‫وتأملات‪ .‬وأفضل مثال‬
    ‫وهو طور إفراغ الثنائيات‬     ‫الآية ومن ثم السورة‪ ..‬وهكذا‪،‬‬     ‫للمنهجية المتكاملة هو «القرآن‬
  ‫في تفاعل موحد خلال وحدة‬         ‫كما أنه لا يصدر عن المطلق‬
  ‫عضوية كونية واحدة‪ .‬وهذه‬        ‫سوى المطلق‪ ..‬فإن ما يصدر‬          ‫الكريم» والذى لا تتضارب‬
 ‫الأطوار يمر بها الإنسان عبر‬      ‫عن النسبي فهو نسبي‪ .‬فهو‬        ‫ضمنه المواضيع ولا الأحكام‪،‬‬
‫تطوره من اليابان حتى غابات‬       ‫يفرق بين مطلق القرآن وبين‬
                                                                   ‫بل هو المصدر الكامل الذي‬
                  ‫الأمازون‪.‬‬             ‫نسبية فهم البشر له‪.‬‬       ‫ُيرجع إليه و ُيفهم من خلاله‬
  ‫وهنا ينتقل عبر مفصل آخر‬         ‫ويقسم البشرية وتطورها‬          ‫الكثير من المواضيع والقضايا‬
‫لمسألة التراث وعلاقته بالقرآن‬     ‫عبر التاريخ لثلاثة أطوار‪:‬‬        ‫والإشكالات‪ .‬وهو أكبر من‬
  ‫الكريم‪ .‬ويتساءل‪“ :‬أين يقع‬        ‫‪ -1‬الطور الإحيائي‪ :‬وهو‬       ‫كل المناهج المعرفية والتحليلية‬
‫التراث ضمن أي طور من هذه‬                                          ‫والنقدية‪ .‬لا بمعنى رفضها‪.‬‬
 ‫الأطوار؟”‪ .‬فيأخذ هذا التراث‬        ‫الطور البدائي الذي يفسر‬     ‫ولكن بمعنى احتوائها والهيمنة‬
‫ضمن ظرفيته التي أبدع فيها‪،‬‬          ‫الظواهر الطبيعية بإضفاء‬     ‫عليها بمنهاج كوني يستوعبها‬
                                 ‫الروح الإنسانية عليها‪ .‬وهذا‬      ‫جدليًّا ويزيل عنها التباستها‬
     ‫ملاح ًظا مكوناته الثقافية‬   ‫ما نراه في المعابد القديمة من‬  ‫وتناقضاتها‪ .‬وهو الكتاب الذي‬
      ‫والمجتمعية ضمن طوره‬           ‫تماثيل ورسومات تصور‬          ‫ابتدأ مف َّر ًقا ومج َّز ًءا ثم تكامل‬
     ‫الإنساني الذي أفرز فيه‪.‬‬       ‫الظواهر وتصبغها بصبغة‬           ‫والتأم وتر َّكب‪ .‬وبذا أصبح‬
    ‫ويؤكد أبو القاسم أن هذا‬                                      ‫ك ًّل واح ًدا بالتركيب التوقيفي‬
    ‫التقسيم لا يقصد به إهانة‬                        ‫بشرية‪.‬‬        ‫الذي استقر عليه‪ .‬فغدا كتا ًبا‬
                                                                ‫منهجيًّا معرفيًّا معاد ًل للوجود‬
                                                                   ‫الكوني‪ .‬نلاحظ هنا أن حاج‬
                                                                 ‫حمد شبه نزول القرآن مف َّر ًقا‬
                                                                ‫وجمعه المشار إليه في الآية «إِ َّن‬
                                                                  ‫َع َل ْي َنا َج ْم َع ُه َو ُق ْرآ َن ُه” القيامة‪:‬‬
                                                                  ‫‪ )17‬شبه هذا النزول بنظرية‬

                                                                     ‫الانفجار الكبير عن نشأة‬
                                                                                     ‫الكون‪.‬‬

                                                                   ‫وبذا يكون التشابه متطابق‬
                                                                  ‫بين الكتابين‪ .‬ونلاحظ أي ًضا‬

                                                                    ‫أن محمد أبو القاسم حاج‬
                                                                     ‫حمد في أطروحته بدأ من‬
   197   198   199   200   201   202   203   204   205   206   207