Page 197 - m
P. 197

‫‪195‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

  ‫مكتوبة أم مخلوقة لإدراك‬        ‫وموسى وإبراهيم وإسماعيل‬              ‫العامة‪ ،‬ويقولون بأن‬
 ‫جميع جوانبها‪ ،‬وموسى من‬          ‫لا يعني بالضرورة وجودهم‬            ‫القصص الحق لا يعني‬
                                                                    ‫بالضرورة أن يكون قد‬
  ‫المس والتخصص والتعمق‬                ‫الواقعي التاريخي ولكن‬       ‫حدث واق ًعا في زمن معين‬
 ‫العقلاني من قول الحق “لا‬            ‫إيجادهم في وعي القارئ‬          ‫بل هو من الفن الحكيم‬
                                  ‫وخلقهم في خياله بكلمة الله‬       ‫الذي يمتد في كل البيئات‬
       ‫يمسه إلا المطهرون”‪.‬‬           ‫التي هي أوقع من الواقع‬       ‫والأزمنة تنزيل من حكيم‬
     ‫ومقام محمد عندهم هو‬            ‫ذاته لأنها قادمة من الحق‬      ‫خبير‪ ،‬وتزعم هذا الموقف‬
 ‫أعلى وأفضل ما يتوصل إليه‬          ‫فلا نعبأ إن حدثت في زمن‬        ‫الباحث محمد أحمد خلف‬
 ‫بداخل كل مقام من مقامات‬            ‫معين أم لا ولكن يمكن في‬        ‫الله في رسالته للدكتوراه‬
  ‫الأنبياء جمي ًعا وليس مقا ًما‬     ‫نفس ذات الوقت إسقاطها‬
    ‫منفص ًل بذاته فهو خاتم‬           ‫أو بلفظة القرآن (تنزيل)‬           ‫التي طبعت في كتاب‬
‫الأنبياء أي هو المصدق وأعلى‬        ‫تلك الشخصيات والأحداث‬        ‫(القصص الفني في القرآن)‬
   ‫وأفضل ما يمكنك تحقيقه‬
 ‫بداخل كل مقام من مقامات‬               ‫كرموز على كل إنسان‬              ‫ليواجه الطعون التي‬
    ‫النفس البشرية‪ ،‬إذن هم‬              ‫قارئ لهذا النص‪ ،‬ولذا‬     ‫وجهت للقرءان في أن علماء‬
‫يرون أن الرسل هي مقامات‬             ‫زعم القرآنيون أن الرسل‬      ‫التاريخ المحققين والآثاريين‬
  ‫وبرامج حية يمكن تفعيلها‬         ‫والأنبياء هم مقامات بداخل‬
 ‫بداخلنا على حسب حال كل‬               ‫كل نفس بشرية‪ ،‬فمقام‬          ‫الأركيولوجيين لم يجدوا‬
                                  ‫إبراهيم هو مقام التبرؤ من‬          ‫دلي ًل واح ًدا في التاريخ‬
                    ‫إنسان!‬          ‫الهيم بتراث الآباء‪ ،‬ومقام‬        ‫حتى الآن على الوجود‬
 ‫وأخي ًرا نستطيع أن نقول إن‬         ‫إسماعيل هو سمو السمع‬
‫القرآنيين حاولوا قدر جهدهم‬         ‫لاكتساب الوعي‪ ،‬وإسحاق‬          ‫الواقعي لتلك الشخصيات‬
 ‫الوصول كتيار فكري يعتمد‬           ‫لسحق الأفكار الميتة والتي‬      ‫والأحداث فلم يجدوا مث ًل‬
                                 ‫ليست فيها حياة ولذلك يهب‬
     ‫على النص القرآني فقط‬          ‫الرب مقام إبراهيم لكل من‬         ‫دلي ًل على قصة فرعون‬
     ‫من حل مشكلات كثيرة‬          ‫فعل مقام إسماعيل وإسحاق‬        ‫وموسى في مصر أو خروج‬
 ‫توارثناها من التراث ولكنهم‬      ‫(التخلية ثم التحلية) بمفهوم‬
  ‫لم يتمكنوا من وضع منهج‬                ‫الصوفية وهو سحق‬             ‫بني إسرائيل على الرغم‬
 ‫واضح معتمد يقنع الآخرين‬             ‫الخصال السيئة والتحلي‬        ‫من أن الحضارة المصرية‬
‫بكل تلك النتائج التي توصلوا‬           ‫بسمو الوعي والصفات‬        ‫القديمة لم تغفل عن تسجيل‬
  ‫إليها كأفراد‪ ،‬وخاص ًة أنهم‬                                   ‫تفاصيل دقيقة وصغيرة ج ًّدا‬
  ‫تيار حديث ما زال في طور‬                           ‫الحسنة‪.‬‬       ‫عن حياة المصريين وقتها‬
 ‫النشأة ولم تتبلور جهودهم‬            ‫وكذلك يحيى من الحياة‪،‬‬       ‫كوصف رقصاتهم وأدوات‬
 ‫في شكل منهجي وقواعد كي‬              ‫وإليسع من السعي نحو‬           ‫الماكياچ والطهي والأزياء‬
  ‫يتم نقدها بطريقة أكاديمية‬       ‫السعة‪ ،‬وإدريس من الدرس‬       ‫والعادات والتقاليد والأعراف‬
      ‫متخصصة بعد‪ ،‬ولكن‬                ‫والتحصيل‪ ،‬وزكريا من‬      ‫والقوانين والهزائم العسكرية‬
     ‫ُيح َسب لهم عقلنة النص‬      ‫الذكر والتذكير‪ ،‬وسليمان من‬     ‫والانتصارات فما بالك بتلك‬
  ‫وأنسنته ليتوافق مع العقل‬         ‫تتبع سنن السلام والترقي‬
    ‫والمنطق والقيم الإنسانية‬                                         ‫الأحداث الكبرى والتي‬
  ‫العليا النبيلة والتي تتناسب‬         ‫في سلم العلم والمعرفة‪.‬‬    ‫تقترب من وصف المعجزات‬
‫مع غالبية البشر في أي زمان‬            ‫والمسيح من عمل مسح‬
                                 ‫شامل لكلمة الله سوا ًء أكانت‬        ‫نظ ًرا لأهميتها ولكن لم‬
                    ‫ومكان!‬                                      ‫نسمع أي شيء ُيذ َكر عنها‪.‬‬
                                                                 ‫ولذلك واجه الدكتور خلف‬
                                                                 ‫الله وطه حسين أن القرآن‬
                                                                  ‫حينما يقص قصة فرعون‬
   192   193   194   195   196   197   198   199   200   201   202