Page 204 - m
P. 204
اجتماعي ،لكل ما هو جديد كانت بداية الأزمة في /18 «نصر حامد أبو زيد» ..العقل المهاجر محمد
خاصة إذا كان هذا الجديد رفعت
1993 /3عندما رفضت
متعل ًقا بفهم الدين. لجنة الترقيات في كلية الآداب
وهكذا تحول مفكر كبير بجامعة القاهرة طلب الترقية
فى تاريخ الفكر الإسلامى، المقدم من نصر أبو زيد ،من
إلى مواطن يضيع وقته فى
الحديث للمحامين والأمن درجة أستاذ مساعد ،إلى
بد ًل من التفرغ للقراءة أستاذ بقسم اللغة العربية.
والكتابة .ولذلك كانت الهجرة
الإجبارية لمدينة ليدن بهولندا. وبرغم الإشادة من قبل
لماذا هذه المدينة بالذات؟ اثنين من أعضاء اللجنة،
يجيب دكتور محمد أبو بمؤلفاته وبجدارة نصر في
الغار عن هذا السؤال في الحصول على الترقية ،إلا أن
مقال له بعنوان «نصر فى مجلس الجامعة قد أخذ برأي
هجرته الإجبارية» .نشر العضو الثالث الذي وصف
في العدد 89من مجلة عالم مؤلفاته بأنها« :جدلية في
الكتاب فى يونيو 2015 جدلية ،لتخرج بجدلية تلد
حيث يقول« :اختار نصر جدلية ،تحمل فى أحشائها
ليدن ضمن عروض كثيرة، حنينًا جدليًّا متجاد ًل بذاته
لأن بها قس ًما كبي ًرا وها ًّما مع ذاته» .ولم يكتف بتلك
للدراسات الإسلامية ،ولأن العبارة ،بل راح يغمز الكاتب
بها علماء متميزين هولنديين في دينه ،بعبارات مثل «كأنه
وأجانب ،ولأنها قريبة من اعتراض على القرآن ذاته»
مصر فهو لم يشأ أن يقبل و»هو كلام أشبه بالإلحاد»
عروض جامعات أمريكية،
حتى لا تكون المسافة عائ ًقا وغيرها من العبارات
من زيارات متكررة لابتهال الخطيرة(.)1
زوجته ،التي كانت تسافر
إلى مصر للقيام بعملها ولم تقف الأزمة عند هذا
الأكاديمي ،كأستاذه في قسم الحد بل رفعت قضايا
حسبه ،تنادى بالتفريق
اللغة الفرنسية».
لم يكن يعلم أن مصيره بينه وبين زوجته ،وكان
سيكون كمصير ابن رشد، أولها فى 17مايو .1993
عقل مهاجر طردته ثقافته لم تكن الأزمة أزمة نصر
العربية الإسلامية ،وتلقفته وحده ،بل كانت أزمة نظام
الثقافة الأوروبية الناهضة بأكمله ،يرفض ويخاف
حيث رحابة الفكر وتقبل الجديد يعشق الجمود والمياه
الراكدة .عائق الحرية الفكرية
الجديد. التي عانى منها ،لم يرتبط
أهم ما يميز نصر أنه مفكر بحكومة متسلطة ،أو استبداد
عسكري ،أو ديني فقط ،وإنما
كان مرتب ًطا بوجود عداء