Page 207 - m
P. 207
الوحدة البنائية للخطاب القرآنيالملف الثقـافي 2 0 5 ترتي ًل ،ولا يأتونك بمث ٍل -1القرآن الكريم
إلا جئناك بالحق وأحسن كوحدات خطابية
محمد ياسين تفسي ًرا»( .الفرقان)33 :32 : متنوعة الموضوعات
فالقرآن نزل من أجل والسياقات
الإنسان ،وتزكية الإنسان
تحتاج إلى زمن وإلى تأثر نزل القرآن الكريم على
وانفعال بالآية تتلوها الآية،
وهذا التأثر والتأثير لا يمكن النبي محمد -صلى الله عليه
أن يتم عبر كتاب شامل تتم وسلم -منج ًما في بضع
قراءته «جملة واحدة» فهو
أشبه بجرعة الدواء اليومية أو وعشرين سنة متوافقة مع
بوجبة الغذاء محددة الوقت الحوادث والأحداث التى
والقيمة الغذائية لتؤتى أثرها
مرت بها الدعوة المحمدية،
في بناء الجسم. يسأل السائل ويجيب القرآن،
لذا جاء القرآن منج ًما
كوحدات خطابية وفق يتعرض المسلمون لمحنة
الحاجات الحية للإنسان ما فيتنزل القرآن توضي ًحا
والمجتمع على حد سواء، وتفصي ًل ،تمر مواقف فى
والترتيل -هنا -هو التتابع حياة المسلمين عامة وفي حياة
فى النزول وفق حكمة الله
وعلمه بحاجات النفوس الرسول خاصة فيتحدث
وأحوال القلوب وتقلب القرآن عنها ويفصل فيها
الأحوال ،وأحوال المخالفين
واعتراضاتهم «ولا يأتونك القول.
بمث ٍل إلا جئناك بالحق إ ًذا ،لم يأت النبى قومه
بصحيفة مكتوبة ،أو بكتاب
وأحسن تفسي ًرا». مقروء له بداية معروفة
ونهاية محددة ويحتوي
-2القرآن الكريم على فصول أو أبواب ،وإنما
بترتيبه الحالي جاءهم وتلا عليهم آيات فى
(ترتيب التلاوة) كل مرة يتنزل عليه الوحى.
والقرآن الكريم ذاته قرر
نتج عن ذلك أن صار للقرآن هذه الحقيقة “وقرءا ًنا فرقنه
ترتيبان :ترتيب النزول، لتقرأه على الناس على مك ٍث
ونزلنه تنزي ًل”( .الإسراء:
وترتيب التلاوة ،أما ترتيب
النزول فهو الذي نزل القرآن )106
بل حكى القرآن عن الكافرين
به منجما كوحدات خطابية طلبهم أن ينزل القرآن «جملة
متفاع ًل مع الزمان والمكان،
فمن أين أتى ترتيب التلاوة واحدة» ورد القرآن عليهم
وهو ترتيب المصحف الذي بحكمة نزوله منج ًما« :وقال
الذين كفروا لولا نزل عليه
القرآن جمل ًة واحد ًة كذلك
لنثبت به فؤادك ورتلناه