Page 205 - m
P. 205

‫الملف الثقـافي ‪2 0 3‬‬

‫محمد أبو الغار‬                 ‫عبد الصبور شاهين‬                 ‫برتبة إنسان‪ .‬الإنسان لديه‬
                                                                ‫هو الأساس وله دور فعال‬
  ‫كل إنسان بغض النظر عن‬          ‫القرآني‪ .‬فتجد مث ًل اليهود‪،‬‬   ‫في النص القرآني‪ .‬فلم يجعل‬
 ‫النوع‪ ،‬أو الجنس‪ ،‬أو الأصل‬     ‫النصارى‪ ،‬امرأة عمران‪ ،‬امرأة‬
‫العرقى‪ ،‬أو حتى الأديان‪ ،‬من‬                                        ‫المتلقي الأول للنص متل ٍّق‬
                                 ‫العزيز‪ ،‬امرأة فرعون‪ ،‬حتى‬       ‫سلبي‪ ،‬فنزلت الآيات الأولى‬
  ‫خلال التكريم الذي خلقهم‬       ‫الحيوانات كالهدهد‪ ،‬كل هذه‬        ‫تكشف عن طبيعة الأسئلة‬
  ‫به الله‪ .‬طب ًعا قوبلت بردود‬
                                  ‫الأصوات ظهرت بوضوح‬               ‫التي كانت تحير محم ًدا‪.‬‬
     ‫فعل متطرفة ومعارضة‬        ‫داخل النص القرآني‪ .‬فالقرآن‬         ‫“وليس الحديث إذن عن‬
   ‫كثي ًرا‪ ،‬وكرد فعل إعلامي‪،‬‬                                   ‫محمد بوصفه المتلقي الأول‬
  ‫صمم زملاؤها ملص ًقا عليه‬         ‫يمثل مجا ًل خصبًا لعملية‬
‫صورة لها كإمام وكتبوا عليه‬           ‫متكررة بين (الإنساني‬           ‫للنص حديثًا عن متل ٍّق‬
    ‫توقيعات عبارات تشجيع‬                                       ‫سلبي‪ ،‬بل حديث عن إنسان‬
                                 ‫وغير الإنساني) و(الإلهى)‬
     ‫وجاءت عبارة نصر لها‬         ‫عملية يتبادل فيها الصوتان‬        ‫تجسدت في داخله أحلام‬
         ‫“سأقف خلفك”(‪.)4‬‬       ‫مكانهما‪ ،‬ويحل أحدهما محل‬       ‫الجماعة البشرية التي ينتمي‬

‫تقول ودود «إن العبارة كانت‬                        ‫الآخر(‪.)3‬‬       ‫إليها‪ ،‬إنسان لا يمثل ذا ًتا‬
   ‫فريدة فى دلالتها لعلاقتها‬        ‫هو إنسان ومنحاز دائ ًما‬     ‫مستقلة منفصلة عن حركة‬
   ‫بفعل الصلاة ذاته‪ ،‬كلماته‬       ‫للإنسان‪ .‬لا أنسى ما كتبه‬    ‫الواقع‪ ،‬بل إنسان تجسدت في‬
                               ‫لأمينة ودود أستاذ الدراسات‬     ‫أعماقه أشواق الواقع وأحلام‬
‫تحمل التقبل والمساندة‪ ،‬أنه لا‬  ‫الإسلامية‪ ،‬عندما اعتلت المنبر‬
 ‫يمانع أن يقف خلفي مأمو ًما‬         ‫لإلقاء خطبة جمعة كانت‬                      ‫المستقبل»‪.‬‬
 ‫منى ليصلي‪ ،‬لقد تأثرت ج ًّدا‬     ‫عن معنى التوحيد‪ .‬التوحيد‬     ‫“إن النص في عملية الاتصال‬
                                ‫كرفض لكل أشكال التفرقة‪،‬‬        ‫الثانية‪ ،‬يقصد سورة المدثر؛‬
         ‫بهذا التفرد الرائع»‪.‬‬    ‫فالتوحيد بالنسبة لها تعنى‬
 ‫وصفه فكري اندراوس بأنه‬        ‫حقوق الإنسان التى يولد بها‬         ‫ما زال يتجاوب مع حالة‬
 ‫إنسان متواضع بشدة‪ ،‬رغم‬                                       ‫المتلقى الأول للنص‪ ،‬ويفصح‬

                                                                   ‫عن أشواقه ويجيب عن‬
                                                              ‫أسئلته‪ ،‬فكان الأمر بالاعتذار‬

                                                                  ‫ر ًّدا على حيرته فيما يراد‬
                                                               ‫منه‪ ،‬وكانت الأوامر بالتكبير‬
                                                              ‫وتطهير الثياب وهجر الرجز‬
                                                                ‫تأهي ًل له لكي يقوم بالمهام‬

                                                                   ‫التى يسندها إليه النص‬
                                                                   ‫ويكون مستع ًّدا لها»(‪.)2‬‬
                                                               ‫بدأت مرحلة جديدة في حياة‬
                                                              ‫نصر انتقل فيها من النظر إلى‬
                                                              ‫القرآن على أنه نص إلى النظر‬
                                                               ‫إليه كخطاب‪ ،‬فدور الإنسان‬
                                                              ‫أكثر وضو ًحا في الأخير‪ ،‬لأنه‬
                                                               ‫مشارك وفعال فيه‪ .‬فالمُتكلم‬
                                                                 ‫بالقرآن لا يشير دائ ًما أنه‬
                                                                  ‫المقدس «الله» فنجد هناك‬
                                                               ‫تعدد للأصوات داخل النص‬
   200   201   202   203   204   205   206   207   208   209   210