Page 203 - m
P. 203
الملف الثقـافي 2 0 1
حاج حمد فقد حاولت أن أقدم قبل هذه الجماعة ،مما ش َّوه للعلماء السابقين أو السلف،
نق ًدا لمشروعه ،أو بمعنى أدق صورة الإله الخالق ،وهذه هي ولكن لوضع كل إنتاج
بعض الملاحظات أو المؤاخذات المطلوب تصحيحها .ولو كان
الله يريد للبشر هذه الصورة، تفسيرى حسب سياقه وحسب
عليه فاقتصر هنا على عدة مكونات عقلية إنتاجه وطوره
نقاط: صورة الزاهد العابد المطيع الإنساني الذي أبدع فيه.
الذي لا يعصى ،لاستخلف والتراث عنده يبدأ بعد وفاة
-1بنى حاج حمد مشروع ملائكة وما استخلف إنسا ًنا النبي .أي أنه لا يعتبر أفعال
وارتكز على نقطة أساسية النبي من التراث .وأن أفعال
انطلق منها دون أن يقدم ح ًّرا في إرادته. النبي هي تطبيق رسولى
براهين كافية أو استدلالات ويرى حاج حمد أن مفهوم متماثل مع النص القرآني.
(الإنسان) بالمعنى الحديث ليس كمطلق مقابل للقرآن.
منطقية عليها وهى “ما يوازي ما يطرحه القرآن عن وتنطبق عليه هنا النسبية.
يصدر عن المطلق فهو مطلق”، مفهوم (الخليفة) .وآدم نموذج ويشير حاج حمد هنا لفكرة
لهذا الخليفة فى مرحلة الآدمية.
ويقصد أن القرآن الكريم لا يتميز بحرية الإرادة فقط ختم النبوة .والتى لم يلتفت لها
مطلق لأنه صدر عن الله .هذه بل بالوعي أي ًضا ،بين حرية العقل الديني وهي بداية مرحلة
النقطة تحتاج لإثباتها ليؤسس الإرادة لدى الإنسان ومشيئته،
عليها المنهج بطريقة صحيحة. جديدة في حياة البشرية.
بين إطلاقيته في الإرادة وانتقال من حاكمية الإله إلى
-2النقطة الثانية الهامة ومشيئته (المتناهية أمام جبرية حاكمية البشر .بمعنى انتقال
هي استغراقه في استخدام التشريع في كل دقائق الحياة
المصطلحات الغامضة والمفاهيم قوانين الطبيعة) عالم الإرادة من الغيب إلى الإنسان الراشد
التى يتوجب على القارئ أن عالم المشيئة بين الاثنين توجد
يكون على دراية بها ،فانغلق منطقة الضعف الذي يولد منها الذي يستطيع أن يش ِّرع
مشروعه أمام الكثيرين بينما لنفسه ،وأن غاية الرسالات
المشروع يستحق أن يحتفى به الشر ،بين نفخ الروح وتعلم هي أن يصل الإنسان لمرحلة
ويناقش على نطاق أوسع. الأسماء التي وضعت في نفسه الرشد «الخليفة» .والاعتماد
-3يرى البعض أن حاج على ذاته في مقومات حياته.
حمد لم يشر لمصادره رغم يطمح الإنسان أن يكون (أن وهذا يشير بوضوح لعجز
وجود تطابق تقريبًا بين ما يكون تلك الأسماء) الإنسان في العقل الديني والذي يبحث
كتبه المفكر الراحل محمود
محمد طه في الرسالة الثانية علاقته بـ”الله” ليس مطلو ًبا عن كل تفصيلة في الحياة
للإسلام وبين العالمية الثانية منه أن يحيط بماهيته لأن ذلك ليفرض عليها رؤية دينية أو
عند حاج حمد .ويجوز تبرير رأى فقهى مما يسلب الانسان
ذلك لمحاولة البعد عن التصادم محال بل من حيث أسمائه
مع السلطة في السودان والتى سبحانه .والإنسان قادر على أهم حقوقه وهى الحرية،
كانت أعدمت المفكر محمود ذلك لامتلاكه الوعي والتفكير وبذا يقتل جوهر الدين.
وهو هنا يشير إلى استلاب
محمد طه. المجرد قادر على تحقيق الحرية الإنسانية من العقل
في خاتمة المقال أود أن أنصح الأسماء .دون هذه الاحاطات اللاهوتي ،ويحول الإنسانية
لمجرد عبيد مستلبي العقل
بقراءة عميقة لكل مشروع بإرادة الإنسان ومشيئته والقدرة على التفكير واتخاذ
الراحل المفكر محمد أبو القاسم ودون الإقرار بحريته يظل القرارات أو التشريعات ،وذلك
فهمنا قاص ًرا عن استيعاب لصورة غيب مستلب من
حاج حمد لما فيه من إجابات
كثيرة لاسئلة ربما تكون معنى الخلافة أو معنى
الإنسانية.
بنسبيتها ملائمة لروح العصر
بعد هذا العرض لأهم ما جاء
في مشروع محمد أبو القاسم