Page 273 - m
P. 273
271 ثقافات وفنون
كتب
رواية « ُسَّلم
يعقوب» ..سردية
فكرى عمر
الخروج من مصر
حتى يجف ويموت ،رأى فيه هنية رسائلي بين الأرض والسماء .ثمة أحلام يعقوب
وإبراهيم وفايز»ُ .يعلن لنفسه حال ٌم آخر من نفس الطبقة يؤكد هذا
رأى «يعقوب» ذات ُحلم أنه يصعد
بعدها مباشرة« :أنا لست كذلك، المعنى هو «فايز» صهره ،إذ يرى
أنا أحلُم وأتحرك نحو الهدف ،أنا أخته هنية راقدة إلى جوار شجرة نحو طاقة نور تشبه الشمس،
في الجنة ،وثعبان يزحف نحوها، وكلما ارتقى تباعدت المسافات بين
ح ٌّي». َد َرج ال ُسلم المُعلَّق بالسماء ،وازداد
رغم هذا الاتصال الذي يوحي ليلدغها ،لكنه ينهض من مكانه ثقل الحقيبة السوداء التي يحملها،
بروحانية الشخصية إلا أن طبيعته لإنقاذها.
عكس ذلك تما ًماَ ،ن ْفس ُه مزيج من حتى سقطت منه ،فتوقف مكانه
الانتهازي والمحتال ،يضع طموحه هناك ُحلمان آخران لـ»يعقوب» م ُتح َّس ًرا على كنزه الضائع ،وحين
المادي غايته ،وكل ما عداه من بش ٍر يسبقان أفعاله ،أو يبشران بها: التفت وراءه باحثًا عنها سقط في
وظرو ٍف يصبح مجرد درجات ُسلَّ ٍم أحدهما حين قرر سرقة الشقة فرا ٍغ ُمظل ٍم ،لكنه استيقظ فجأة قبل
يدوسها بقدميه كلما انتهى دورها، المُغلقة لليهودي الراحل عن مصر الارتطام بالمجهول بلحظة واحدة.
وهو يصعد لأعلى .حدث ذلك في «إسكندر وليم» ،والآخر في صفحة
كل مواقفه :تزوج «هنية» ،ولم ( ،)137وهذا نصه« :راح يعقوب في َير ُسم ال ُحلم التأسيسي بهذا
يكن يحبها؛ للحصول على وظيفة غفوة ،فرأى نفسه واق ًفا في القرية المعنى في الصفحة ( )15من رواية
بمصر– القاهرة .سرق «إبراهيم» أمام الدار ،وعد ًدا من الصبيان
بعدما آثره الآخر على نفسه ،و َد َّب َر ربما كانوا إخوته ،وأمه وزوج « ُسلم يعقوب» لـ»ريهام عياد»
له قضية زنا بزوجته؛ ليطلقها، أمه ،وهنية وفايز وجميع أهل مجازها ،ورابط عنوانها المُوحي.
ويتزوج بـ»ياسمين» ،الفتاة التي القرية وراءهم ،يقفون مصفوفين إنه يعطينا إشارة إلى طموح بطلها
تخيل أنها تناسب وضعه الجديد. «يعقوب إسحاق» ،وتكوينه النفسي
حاول كسر عيون الكاهن ،والرجال، خاضعين له». والاجتماعي ،فهو يعيش بقرية
والنساء بالأموال التي يمنحها لهم ليس ذلك فقطـ ،هو بار ٌع أي ًضا فقيرة في محافظة سوهاج ،ويخطط
في صورة تبرعات ،أو منح متوالية. في استنباط معاني من الطبيعة لامتلاك ثروة مالية بأي طريقة.
أحلام يعقوب تعطي ثلاث دلالات: ُتلائم أطماعه ،ففي صفحة (:)115 يعطينا كذلك إشارة إلى إيمانه بقدرة
الأولى تتمثل في ارتباط البناء الفني «رفع عينيه نحو السقف ،رأى الأحلام على تحذير الإنسان من
للرواية بالسرد الشعبي التراثي بيتًا من الخيوط وداخله عنكبوت الخطر ،أو التنبؤ بالمستقبل ،وهو
يعيش مكانه راضيًا ،إما أن تأتي بذلك ينتمي إلى تصورات طبقته
له الفريسة ،وإما أن يظل مكانه الشعبية في الاعتقاد بوجود اتصال