Page 269 - m
P. 269

‫‪267‬‬  ‫ثقافات وفنون‬

     ‫كتب‬

 ‫الضاغط‪ ،‬مرو ًرا برغبته التواقة‬   ‫هذا الجميل‪ ،‬و»أشرف» المسؤول‬             ‫روحك في مقابل متعة دنيوية‬
‫في التحقق ولو على سبيل راحته‬           ‫بالشؤون القانونية يحاول‬                                ‫مؤقتة‪.‬‬
‫وطاقته وعمره‪ ،‬وصو ًل لقوانين‬
                                    ‫حل أزمة «سماح» بعد اتهامها‬            ‫يوتيوبيا الواقع‬
 ‫عمل ت َّدعي أنها تنظم العلاقات‬     ‫بالسرقة في العقار الذي يقطن‬          ‫وديستوبيا الخيال‬
 ‫فيما بين المرؤوسين والرؤساء‬        ‫به بواسطة مكافأتها بالتوسط‬
                                                                       ‫جاءت طزاجة القضايا المطروحة‬
   ‫ولكنها في واقع الأمر ما هي‬         ‫لتعيينها بالشركة التي يعمل‬       ‫ليس عن طريق طرحها وحسب‪،‬‬
  ‫إلا أدوات في يد صناع القرار‬     ‫بها‪ ،‬ويتوهم بأن بانتسابها لهذه‬
                                 ‫المؤسسة فهي على الطريق القويم‬              ‫بل وكيف تمت معالجة هذا‬
    ‫بالمؤسسات لتمرير اللوائح‬                                               ‫الطرح‪ ،‬فالشخوص الروائية‬
 ‫المخاتلة‪ ،‬وتعيين أرباع وأثمان‬        ‫ولو بشكل مؤقت أو نسبي‪،‬‬              ‫تبدو سطحيًّا كجموع النمول‬
   ‫الكفاءات والاستغناء بهم عن‬        ‫وحتى «المهندس ماجد» بطلي‬           ‫أو خلايا من نحل أو مجموعات‬
  ‫أصحاب الخبرة‪ ،‬فبدا وصول‬            ‫المفضل بين كل هؤلاء يسعى‬            ‫من روبوتات تخضع «كراه ًة»‬
   ‫صاحب علم أو ذي يد نظيفة‬       ‫لاستخدام نفس «السماح» لضرب‬               ‫لمنظومة معاصرة مؤرقة من‬
  ‫لرأس الهرم المؤسسي كخطأ‬        ‫خصومه الذين حاولوا الإيقاع به‪،‬‬            ‫المتطلبات التي تفرضها قيم‬
                                  ‫ثم بعد كل هذا لا يرتد ع َّما التهم‬      ‫الرأسمالية‪ ،‬ولكن بالتأمل عن‬
     ‫يجب إصلاحه والعمل على‬       ‫حياته وكاد أن يودي به‪ ،‬بل يعود‬             ‫كثب تجد أن الجميع تقريبًا‬
 ‫تداركه‪ ،‬وهو ما استنطق روح‬       ‫للانتساب إليه بصورة أخرى وفي‬          ‫شارك في «توحش الوحش» فما‬
   ‫الكوميديا السوداء فيما وراء‬   ‫مكان آخر وكأن المشكلة هي أزمة‬         ‫كان للرأسمالية أن تتوحش لولا‬
                                 ‫مكان أو طريقة وليست في الفكرة‬        ‫الإيمان بها والدفاع عنها والسعي‬
                     ‫السطور‪.‬‬          ‫العقيمة التي أ َّصلت لكل هذه‬      ‫لأجلها والعمل على الدعوة إليها‬
 ‫لم يتعمد الكاتب طغيان الدراما‬                                          ‫حتى باتت كالعقيدة التي لو لم‬
‫السوداء كما لم يقحم الكوميديا‬                            ‫النتائج‪.‬‬         ‫تنضم إليها بشكل مباشر‪ ،‬لا‬
                                    ‫أبرزت الرواية معاناة الإنسان‬      ‫تواتيك الجرأة على إثبات بطلانها‪.‬‬
    ‫كعنصر مقاوم لقسوة حياة‬          ‫في الحياة المعاصرة «العاصرة‬             ‫يعتمد الكثير من شخوص‬
 ‫الأبطال‪ ،‬ولكن ولأن الشخوص‬          ‫بكل تفاصيلها» بداية من تأزم‬        ‫الرواية على طريقة «داوها بالتي‬
                                    ‫العلاقات ما بين أفراد الأسرة‬            ‫كانت هي الداء» في مجابهة‬
  ‫شديدة الواقعية وحقيقية حد‬                                            ‫أزماتهم؛ فنيفين البطلة المحورية‬
‫التماهي معها‪ ،‬فما من شخصية‬             ‫الواحدة بسبب نمط الحياة‬         ‫للعمل وبعد انقضاء أكثر من ‪36‬‬
 ‫محورية أو هامشية بالعمل إلا‬                                          ‫عا ًما في رحاب العمل الذي جردها‬
 ‫وشعرت بأنها شخص حقيقي‬                                                 ‫شبابها وحرمها من دفء العائلة‬
                                                                         ‫تدرك متأخ ًرا ج ًدا أنه قد حان‬
   ‫من لحم ودم يفرح‪ ،‬ويبكي‪،‬‬                                              ‫الوقت للفكاك من حالة الرسف‬
‫ويتألم‪ ،‬ويسعى للخير‪ ،‬ويرتكب‬                                                ‫في أغلال الوظيفة عن طريق‬
 ‫الخطايا ويشترك في الدسائس‬                                             ‫طلب المعاش المبكر‪ ،‬في مقابل أن‬
                                                                         ‫تقوم بتدريب خليفة لها «يارا»‬
   ‫ولو بالصمت‪ ،‬فبلغوا جمي ًعا‬                                             ‫تتشرب قواعد العمل لتنتسب‬
  ‫ذروة النضج الإنساني‪ ،‬فلكل‬                                             ‫طواعية للعقيدة الرأسمالية‪ ،‬ثم‬
‫منهم دوافعه بالشر كما بالخير‪،‬‬                                          ‫تتوسم خي ًرا أن تصون خليفتها‬
 ‫فجاءت مشاهد المؤامرات –على‬
   ‫غير المعتاد‪ -‬وما يسبقها من‬
  ‫تحضيرات وخفايا وما يعقبها‬
‫من نتائج قد تصيب وقد تخيب‬
  ‫كالثلج الذي يخفف من وطأة‬

     ‫مهرسة العمل التي تسحق‬
                      ‫الجميع‪.‬‬

 ‫ينضح العمل بمفاهيم الفلسفة‬
   264   265   266   267   268   269   270   271   272   273   274