Page 267 - m
P. 267

‫‪265‬‬  ‫ثقافات وفنون‬

     ‫كتب‬

                 ‫جون قرنق‬                   ‫آرثر غابرييل ياك‬             ‫تتلامس بحنية في (صحن) وجبة‬
                                                                         ‫(الويكاب) و(الكجيك) الذي أع ّدته‬
     ‫كيف لي أن أكتب عن الرواية‬             ‫يعلو من رماد الذاكرة‪ ،‬رماد‬
  ‫وآرثر غابرييل ياك كتبني‪ ،‬كتب‬                    ‫الواقع‪ ،‬رماد القيامة‪.‬‬                             ‫أمي‪.‬‬
  ‫ذاكرتي‪ ،‬تواريخي المشتركة مع‬                                                 ‫مالسبب الذي جعل أصابعي‬
                                          ‫(س ّحارة) الزعيم‪:‬‬                 ‫تتد ّرب على الكتابة على مفاتيح‬
    ‫ميري وصبية الجبال والطفل‬                                                  ‫المعرفة ولم تتد ّرب أصابعهم‬
‫حارس خشب النجار الذي له ذات‬            ‫أحاول الآن أن أنفض عن روحي‬            ‫التي كانت بذات الملامح؟ إِ ّنها‬
                                        ‫رماد الفجيعة وأن أقاوم الشلل‬        ‫الحرب‪ ،‬حرب الثروة والسلطة‪،‬‬
  ‫ملامح الإفقار وأسئلة الوجود‪.‬‬                                              ‫لم تقتسمها بيننا سلطة ما بعد‬
    ‫هذا إلى حين عودة إلى الأخيلة‬      ‫الذي أصابني‪ ،‬هل ما حدث حقيقة‬           ‫الاستقلال ولكن فعلتها ُسلطة‬
‫الفاتنة‪ ،‬إلى معمار بناء الرواية‪ ،‬إلى‬   ‫أم كابوس أصحو بعده وملامح‬              ‫أمي‪ُ ،‬سلطة الحنان الفطري‪.‬‬
‫لغتها الساحرة‪ ،‬وأكتفي بأنني قد‬            ‫الملايين الفرحة بقدوم دكتور‬      ‫قفزت هذه الوجوه بذات اندفاع‬
‫تح ّررت نسبيًّا من هذه الصناديق‬        ‫جون قرنق تفرهد بالفرحة‪ .‬لماذا‬       ‫نزيف الجرح وعواره‪ ،‬تقفز كل‬
  ‫التي أتركها مش ّرعة أمامكم ولا‬      ‫تسطو (سياسة الفرد الأحد) على‬         ‫ليل‪ ،‬تأتي لتؤانس أرقي بالفعل‪.‬‬
‫أحد سيجيب على أسئلتها القاسية‬           ‫أحلام الملايين التي هدرت رع ًدا‬      ‫كبروا وكبر ُت و كبر ْت البلاد‬
  ‫سوى الروائي آرثر غابرييل في‬                  ‫في (الساحة الخضراء)؟‬      ‫التي انقسمت إلى قلبين‪ ،‬لم ينبض‬
   ‫سوبرانو القيامة‪ ..‬القيامة التي‬       ‫قناديل الأمل تنطفئ ثم تشتعل‬        ‫أي منهما بأهازيج ش ّم النسيم‪.‬‬
     ‫لن تقوم ما لم يقم الزعيم في‬        ‫من جديد أمام الحقيقة المفزعة‪،‬‬       ‫كبر ْت ميري التي عانت قسوة‬
    ‫القادمين من الأطفال الأجمل!‬               ‫أمام (سوبرانو القيامة)‪.‬‬        ‫الأنظمة وفساد الحكام‪ ،‬كبرت‬
                                       ‫ماذا فعلت هذه الرواية بي‪ ،‬كيف‬      ‫وقوت (عضمها مريسة) لم تكن‬
                      ‫‪------‬‬               ‫استطاعت أن تفتح صناديق‬         ‫سوى غذاء طبيعي‪ .‬دفعت ميري‬
       ‫* كاتبة وباحثة سودانية‬         ‫الذاكرة البعيدة والقريبة بكل هذه‬    ‫ثمن معايير الدولة التي ليس لها‬
      ‫نمساوية‪ ،‬تعيش بالعاصمة‬                                  ‫الجرأة؟‬    ‫ملامح دولة‪ ،‬معايير المجتمع الذي‬
                                                                          ‫(سال من شعره الذهب) و(قاس‬
                ‫النمساوية فيينا‪.‬‬                                               ‫الفم بودعة)‪ .‬جابهت قسوة‬
                                                                              ‫معايير ح ّددت لها ماذا تلبس‬
                                                                          ‫وماذا تأكل و(لوت) لسانها الذي‬
                                                                         ‫كان طرو ًبا حين تحكي بلغتها الأم‬
                                                                         ‫تتلألأ حبيبات الملح في عينيها وفي‬
                                                                           ‫جبينها الذي ظل يفضح سياسة‬

                                                                                              ‫الامتيازات‪.‬‬
                                                                             ‫أهديتها بحثًا في العام ‪،2005‬‬

                                                                                ‫قبيل الانفصال‪ ،‬بحثت فيه‬
                                                                               ‫بالتعاون مع منظمة نسوية‬
                                                                             ‫داخل السودان وأخرى بفيينا‬
                                                                             ‫عن بناء استراتيجيات لتعزيز‬
                                                                           ‫النساء النازحات بعد الانفصال‪،‬‬
                                                                         ‫استراتيجيات منهن واليهن‪ ،‬وكان‬
                                                                         ‫في ذلك بعض دواء والفينيق يعلو‪،‬‬
   262   263   264   265   266   267   268   269   270   271   272