Page 264 - m
P. 264

‫بسقف الأمان فما َظلَّنا‬                               ‫العـدد ‪56‬‬                       ‫‪262‬‬
   ‫إذ يبدأ الشاعر بسؤال الوجود‬
   ‫(من أنا؟) الذي يكرره مرتين‪،‬‬                                              ‫أغسطس ‪٢٠٢3‬‬      ‫ذلك من خلال تخييل الشاعر‬
   ‫ويرمز (الشط) للحياة والبيئة‬                                                            ‫للبيئة وصياغتها بأساليب أدبية‬
 ‫التي يبحث عنهما الشاعر بدلالة‬                     ‫مدام دي ستايل‬                        ‫وصور شعرية قائمة على الانزياح‬
                                                                                         ‫والمفارقة‪ ،‬فالشاعر يرسم الحياة‬
       ‫الفعل (دلنا) وكذلك الفعل‬          ‫والبيئة‪ ،‬وذلك في ضوء قراءات‬                     ‫لتصبح لوحة تشتمل على معاني‬
    ‫(نستظل) يدل على الرغبة في‬                ‫متنوعة قد تكون ثقافية‪ ،‬أو‬
   ‫الوصول إلى بيئة مريحة تقدم‬                                                                ‫الجمال‪ ،‬ثم يطلب من المتلقي‬
    ‫له كل ما يجعل حياته سعيدة‬          ‫تفكيكية‪ ،‬أو تأويلية‪ ،‬أو نفسية‪ ،‬أو‬                    ‫تأمل جمالها وتخيله‪ ،‬فالشعر‬
 ‫ورغدة‪ ،‬فلكشف علاقة القصيدة‬            ‫اجتماعية‪ ،‬أو تاريخية‪ ،‬أو جمالية‪،‬‬                      ‫معلم للشاعر يعلمه ترويض‬
   ‫بالبيئة‪ ،‬يتطلب قراءة خضراء‪،‬‬         ‫أو تخييلية‪ ،‬وقد يضع حال البيئة‬                      ‫المعنى‪ ،‬والمعنى يصوره بالطير‬
  ‫وعلى الرغم من أن علاقة الأدب‬         ‫وما تتعرض له في مواجهة سؤال‬                           ‫فيدربه الشاعر على ممارسة‬
  ‫بالبيئة يرجع إلى النشأة الأولى‬                                                           ‫الحياة والتفاعل مع البيئة (كي‬
      ‫للأدب إلا أن طبيعة العلاقة‬         ‫الوجود باحثًا عن الحياة‪ ،‬وهذا‬                     ‫يقفز فوق الشجرة) فالبريكي‬
   ‫الجديدة تختلف لما تعرضت له‬             ‫ما نجده في قصيدة (ورده في‬                       ‫يكشف عن جماليات البيئة التي‬
  ‫البيئة من أذى على يد الإنسان‪،‬‬                                                            ‫بدأ يطالها التهديد لتتحول من‬
   ‫مما يتطلب خطا ًبا مداف ًعا يؤ ِّثر‬          ‫الطريق) التي يقول فيها‪:‬‬                      ‫مصدر إلهام إلى دعوة للعناية‬
    ‫في الجمهور من خلال الثقافة‬                 ‫أنا من أنا يا أناء من أنا؟‬                ‫نتيجة للأخطار التي تحف بحياة‬
    ‫والمجتمع والتاريخ‪ ،‬من خلال‬                  ‫أنا من ُيكلف فيك السنا‬                      ‫الإنسان‪ ،‬لما تتعرض له البيئة‬
                                            ‫أقول لأصحاب حرفي تعبت‬                           ‫من تدمير بفعل عوامل كثيرة‪،‬‬
        ‫استثمار السياق والقراءة‬                                                          ‫فلم تعد مجا ًل إيكولوجيًّا يقتصر‬
      ‫وتوظيف التأويل والتفكيك‬                      ‫يقولون لي‪ :‬إننا كلنا‬                   ‫على دائرة العلم‪ ،‬وأصبح الأدباء‬
      ‫والتنا ِّص‪ ،‬يتم تحليل النص‬            ‫فإن كنت تعرف ش ًطا قريبًا‬                    ‫والشعراء مدافعين عنها فالجمال‬
  ‫والكشف عن أسراره الجمالية‪،‬‬                                                                 ‫ملازم للطبيعة‪ ،‬والشاعر هنا‬
‫فض ًل عن جمالية البيئة‪ ،‬ويشجع‬                      ‫تنام على دفئه‪ُ ..‬دلَّنا‬               ‫يحاول ردم الفجوة بين الوصف‬
   ‫الآخرين على التعامل مع البيئة‬              ‫فنحن رجونا بأن نستظل‬                         ‫العلمي والتقييم الجمالي للبيئة‬
  ‫بإيجابية والتفاعل مع ما تقدمه‬                                                         ‫من خلال تمثيل الطبيعة في صور‬
‫هذه البيئة للإنسان‪ ،‬وعلى الرغم‬                                                          ‫شعرية مؤثرة يؤدي المكان المادي‬
 ‫من أن الإيكولوجيا من العلوم‬                                                             ‫فيها دو ًرا واض ًحا في التعبير عن‬
  ‫الدقيقة والأدب مجاله الخيال‬                                                             ‫إيمان الشاعر بما يمكن أن تعبر‬
‫والإبداع‪ ،‬فإن ذلك لا يمنع من أن‬                                                          ‫عنه البيئة من مشاعر وانفعالات‬
                                                                                        ‫يحملها الشاعر‪ ،‬ليعقد النقد البيئي‬
           ‫ندرس العلاقة بينهما‬                                                              ‫ترابطات نصية وخطابية بين‬
                                                                                         ‫الأدب والطبيعة والأرض والمكان‬
   259   260   261   262   263   264   265   266   267   268   269