Page 266 - m
P. 266

‫بدأت صورة الألم تكتمل في رحم‬

                                    ‫الزمن‪ ،‬بدأ ْت الأمكنة تأخذ ملامح‬

                                    ‫الأمكنة الافتراضية للرواية رغم‬

                                    ‫فارق الوقت‪ .‬في هذا الصندوق‬

                                    ‫كانوا‪ ..‬جاءوا من ف ّج التهميش‬

                                    ‫السياسي‪ ،‬العنصري‪ ،‬من بيوت‬

                                    ‫الكرتون والقش في أطراف المدن‬

                                    ‫يحملون على أقدامهم سيرة‬

                                    ‫العذابات الطويلة التي هدرت على‬

   ‫وكيف عالجتها صحيفة الراية؟‬       ‫خطاي نحو الإنسان‪.‬‬
 ‫كيف حرق (الأمنجي) هذا البحث‬
                                      ‫الكرتون والقش في أطراف المدن‬       ‫فاجعة وقاسية‪ .‬لماذا ينام ذلك‬
    ‫بعد أسبوع واحد من الثلاثين‬            ‫يحملون على أقدامهم سيرة‬        ‫الصبي الذي في مثل عمري متد ّث ًرا‬
   ‫عام التي رسم ْت جبروتها على‬                                             ‫(بنشار الخشب)‪ ..‬الخشب أكثر‬
   ‫قبر (الزعيم)؟ حين ت ّم السطو‬      ‫العذابات الطويلة التي هدرت على‬
  ‫على أحلام أهل البيت وظ ّل رماد‬                ‫خطاي نحو الإنسان‪.‬‬        ‫رحمة من الإنسان؟‬
‫البحث شاه ًدا على أحلام السودان‬
  ‫الجديد‪ ،‬الذي لم يترك أح ًدا ينام‬       ‫صندوق ثالث‪:‬‬                     ‫لماذا لا تذهب ميري مثلي‬
  ‫حتّى لا ننسى؟ ظ ّل الرماد يتّقد‬
‫بفينيق الذاكرة القابعة في صناديق‬    ‫( ُمعالجة الصحافة الحزبية لحرب‬       ‫للمدرسة‪ ،‬لماذا تجالس صبية‬
  ‫بلور ْت وعيي وعصفت أسئلتها‬        ‫الجنوب‪ :‬الميدان والراية نموذ ًجا)‪..‬‬
  ‫بعقلي كما فعل آرثر غابرييل في‬                                          ‫الجبال لبيع الطعمية؟ ما العلاقة‬
  ‫روايته بي وبليالي فيينا‪ ،‬لم يكن‬      ‫كان عنوان بحث تخرجي قبيل‬
    ‫بها أُنس تغنيه أسمهان (ليالي‬     ‫انقلاب الثلاثين يونيو‪ ،‬وأي ًضا في‬   ‫بين جبال الروح وجنوب القلب؟‬
  ‫الأنس في فيينا) بل ليالي فرقعة‬     ‫الدبلوم العالي بجامعة الخرطوم‪،‬‬
     ‫مسامير الصناديق‪ ،‬صناديق‬                                             ‫بدأت بمواجهة الامتيازات التي‬
                                      ‫محاولة خجولة لأفعل شيء‪ ،‬لا‬         ‫ولم تح َظ بها ميري‪،‬‬
        ‫الذاكرة البعيدة‪ ..‬القريبة‪.‬‬  ‫أريد الانكفاء‪ ،‬تح ّفزني تلك الأقدام‬  ‫الجبال ولا الذي تد ّثر‬  ‫ُحظيت بها‬
                                                                                                 ‫ولا صبية‬
   ‫صندوق الامتيازات!‬                  ‫في بحثها عن ملاذ‪ ،‬تلك القامات‬
                                         ‫الطويلة في يوم ش ّم النسيم‪،‬‬     ‫(بنشارة الخشب) وكان الن ّجار‬
    ‫يقفز وجه ميري‪ ،‬وجه صبية‬                                                ‫ينام آمنًا فهناك طفل يحرس‬
 ‫الجبال وذلك الصغير الذي تفوح‬          ‫تش ّد خيوط الإحباط نحو الأمل‬      ‫محلّه البائس الذي ذاب في أ ّول‬
                                     ‫كلّما وهن ْت تغزلها ميري وصبية‬                              ‫خريف‪.‬‬
     ‫منه رائحة الأخشاب المبلولة‬
      ‫بالمطر وجسده الهزيل يهت ّز‬        ‫الجبال والصغير حارس محل‬          ‫بدأت صورة الألم تكتمل في رحم‬
    ‫من البرد وأصابعنا الصغيرة‬        ‫النجار الذي ذاب في أ ّول خريف‪.‬‬
                                                                         ‫الزمن‪ ،‬بدأ ْت الأمكنة تأخذ ملامح‬
                                         ‫كيف عالجت صحيفة الميدان‬          ‫الأمكنة الافتراضية للرواية رغم‬

                                                                         ‫فارق الوقت‪ .‬في هذا الصندوق‬

                                                                         ‫كانوا‪ ..‬جاءوا من ف ّج التهميش‬
                                                                         ‫السياسي‪ ،‬العنصري‪ ،‬من بيوت‬
   261   262   263   264   265   266   267   268   269   270   271