Page 263 - m
P. 263

‫‪261‬‬  ‫ثقافات وفنون‬

     ‫كتب‬

                  ‫هيبوليت تين‬                 ‫محمد البريكي‬                ‫التعبير عنه‪ ،‬وهذا ما يشير إليه‬
                                                                           ‫عنوان القصيدة‪ ،‬فإسناد الفعل‬
    ‫ليس على الشاعر أن ُيصبح‬              ‫يرسم صورة خضراء للبيئة‬
                          ‫نادل‬        ‫يصافح فيها النهر القرية وفيها‬          ‫(يفيض) إلى (البحر) وتعلق‬
                                                                          ‫شبه الجملة (بما يكفي) بالفعل‬
‫الشاعر يرسم فكرته ويهندسها‬              ‫واحات خضراء وبحر‪ ،‬ويأتي‬          ‫يؤكد أن البيئة تترنح تحت جور‬
 ‫وعلى من يعجبه الرسم تخيلها‬          ‫استعمال الفعل (تسكن) وإسناده‬       ‫البشر (حالة مرضية) ولذلك جاء‬
                                                                         ‫المطلع ليصور الحاجة إلى الراحة‬
  ‫وعلى الشاعر أن يلمحها وهي‬             ‫للغزلان والعنادل ليؤكد حلمه‬
          ‫تر ّت ُب في المعنى وتر ْه‬      ‫ببيئة نظيفة يعم فيها الجمال‬        ‫والسلامة والاسترخاء‪ ،‬وهذا‬
                 ‫علّمني شعري‬           ‫والأمان‪ ،‬وهذا ما يفتقده العالم‬     ‫ما يعكسه أسلوب النداء الموجه‬
         ‫كيف أُدر ُب طير المعنى‬          ‫في الوقت الحاضر‪ ،‬مما جعل‬        ‫لولده‪ ،‬فض ًل عن (شاي أخضر)‬
         ‫كي يقفز فوق الشجرة‬            ‫المنظمات تدعو إلى حماية البيئة‬     ‫وما تشير إليه من دلالة‪ ،‬فدلالة‬
                                     ‫من جور البشر والقوى المتسلطة‪،‬‬         ‫اللون الأخضر تكشف الدعوة‬
    ‫لكن الشعر تناسى أن يذكر‬
       ‫كيف أط ِّير تلك الشجرة!‬             ‫فالفعل يدل على الاستقرار‬         ‫للحفاظ على الحياة والتصدي‬
                                     ‫واختيار الغزلان والعنادل إشارة‬            ‫للمخاطر‪ ،‬فتخييل البريكي‬
‫فالبريكي لا يريد للشاعر أن يكون‬
    ‫ناد ًل فاقد الإرادة بل مهندس‬         ‫إلى الربيع الذي تتراقص فيه‬      ‫لعناصر البيئة وتقديمها بقوالب‬
                                         ‫الغرلان والعنادل في الرياض‬       ‫جمالية فاعلة يعضد رؤيته التي‬
‫يهندس البلاد‪ ،‬ويمنح البيئة حياة‬      ‫الخضراء‪ ،‬أما الفعل فيرسم الذي‬
   ‫من خلال ما يرسمه من صور‬               ‫يسنده الشاعر‪ ،‬فإنه يدل على‬          ‫يجب أن تكون عليها ليتمتع‬
                                      ‫الحلم‪ ،‬فالواقع هو صورة قاتمة‬          ‫العشاق بحكايات العطر التي‬
 ‫خضراء يتطلع لها‪ ،‬وبمقابل ذلك‬             ‫للبيئة‪ ،‬ومن هنا يعلو صوت‬          ‫ترويها أعمدة الشارع‪ ،‬ولكي‬
  ‫يقف البريكي عند صناعة المعنى‬           ‫الشاعر مداف ًعا عن البيئة وما‬       ‫ينبض ظل الخطوات بالحياة‬
 ‫في القصيدة‪ ،‬فهو يرى أن الشعر‬          ‫تمنحه للحياة من جمال فيقول‪:‬‬      ‫والجمال فهذه القصيدة هي دعوة‬
                                                                        ‫للحفاظ على البيئة‪ ،‬وهذا الاهتمام‬
     ‫يمكن أن يمنح البلاد والبيئة‬                              ‫ولكن‬      ‫بالبيئة يظهر بشكل واضح أي ًضا‬
     ‫رو ًحا وجما ًل وحياة يجعلها‬                                            ‫في قصيدة (طير المعنى) التي‬
    ‫خضراء تمنح الجمال‪ ،‬ويأتي‬
                                                                                             ‫يقول فيها‪:‬‬
                                                                        ‫يمكن للشاعر أن يرسم خارطة‬

                                                                                                  ‫لبلاد‬
                                                                             ‫فيها النهر يصافح جدران‬

                                                                                                ‫القرية‬
                                                                          ‫أو يرسم فيها واحا ٍت خضراء‬

                                                                           ‫وبح ًرا تسكن حول شواطيه‬
                                                                                        ‫غزلان وعنادل‬

                                                                              ‫يمكن أن يرسم قص ًرا فيه‬
                                                                                                ‫جداول‬

                                                                         ‫فيه مطاعم تحوي ما لذ وطاب‬
                                                                         ‫فهذه القصيدة تنتمي إلى الأدب‬
                                                                        ‫البيئي وأنموذج يتضمن كثي ًرا من‬
                                                                          ‫الأفكار والمضامين التي يشتغل‬
                                                                        ‫عليها النقد الأيكولوجي‪ ،‬فالشاعر‬
   258   259   260   261   262   263   264   265   266   267   268