Page 258 - m
P. 258
العـدد 56 256
أغسطس ٢٠٢3
كونت فكره ،وأي ًضا تعرف على في غرناطة فيديريكو غارثيا “المخطوط القرمزي” ،عمد فيها
ثقافة الغجر وفيما بعد أصبحوا لوركا بالإسبانيةFederico( : إلى صياغة شخصية جديدة غير
الموضوع المهم الذي يستوحي منه García Lorca) شاعر إسباني مألوفة لأبي عبد الله الصغير في
وكاتب مسرحي ورسام وعازف أيامه الأخيرة .وهناك كتاب عرب
أعظم أعماله. بيانو ،كان أحد أفراد ما ُعرف ُك ُثر كتبوا قص ًصا مستوحاة من
عندما سئل لوركا عن سقوط
الحكم العربي لغرناطة في عام باسم جيل .27والده كان أجواء الأندلس .من ذلك رواية
١٤٩٢م قال “لقد كان يو ًما أسود، يمتلك أر ًضا ،وكان عريض غرناطة لرضوى عاشور التي
رغم أنهم يذكرون لنا عكس ذلك المنكبين أسمر كمثال للريفيين قامت قبل كتابة روايتها بزيارة
في المدرسة ،لقد ضاعت حضارة بالأراضي الأندلسية ،على عكس إلى غرناطة وتعرفت على شوارعها
مدهشة ،وشعر ،وفلك ،ومعمار، والدته فكانت قبل الزواج معلمة وأحيائها ورياضها والتي لا تزال
ورقة لا نظير لها في العالم ،وحلت موسيقى هادئة رقيقة ،نشأ لوركا تحتفظ بجمالها حتى يومنا هذا.
محلها مدينة فقيرة ،خانعة ،تزخر في منزل بسيط من دورين في وبلغت المملكة ذروتها في عهد
بطالبي الصدقات ،وحيث توجد قرية صغيرة بها بيوت غير عالية، المللك محمد الغني بالله (محمد
الآن أسوأ طبقة برجوازية في يظهر من خلالها مشهد للفلاحين الخامس) ،وسطع في سمائها عدد
إسبانيا» (ماهر البطوطي ،ص:9 وهم في طريقهم لحقولهم وبعض من الأدباء والشعراء ،على رأسهم
)2017وبعبارته الشهيرة يتبين المشاهد للشياه أو عربات تجرها الوزير لسان الدين بن الخطيب،
مدى حب الشاعر لغرناطه وتأثره الخيول والثيران .وبذلك يتبين لنا صاحب كتاب «الإحاطة في أخبار
بتراثها الشعبي الأندلسي ،ومن السبب وراء أن اهتمامات لوركا غرناطة” (ماهر البطوطي ،ص
المفارقات أي ًضا أن نشأة الشاعر كانت متجهة دائ ًما إلى غرناطة
وموته مرتبطان بغرناطة ،فقد والرموز العربية الأندلسية ،وقد .)2017 :10
انتهى من حيث بدأ ،أذ يحدثنا وجد نفسه أسعد حا ًل في المقاهي كانت غرناطة آخر ولاية حكمها
القدر بأن مصير لوركا مرتبط وأحاديث الأصدقاء والتجوال
بآخر معقل للعرب ،وأي ًضا أعماله في ريف غرناطة أو بساتينها المسلمون في شبه الجزيرة
الشعرية خير دليل على ذلك. القريبة ،وفي الكشف عن العديد الإيبيرية .كانت تدعى إلبيرة حتى
وتتضارب الأقوال حول مصرع من الثقافات والتقاليد التي
منتصف القرن الثامن الميلادي.
وفي القرن الحادي عشر ،نقل
بنو زيري البربري العاصمة من
مدينة إلبيرة إلى مدينة غرناطة.
غرناطة أو إغرناطة هو اسم
مشتق من الأصل اللاتيني
()pomegranate( ،)granatum
وتعني الرمانة .وقد سميت كذلك
لجمالها ،ولكثرة حدائق الرمان
التي تحيط بها .وقيل إنها سميت
كذلك لأنها أنشئت على البقعة التي
زرع فيها الرمان لأول مرة عند
نقله من أفريقية إليها ،وقيل أي ًضا
إنها سميت كذلك لأنها بموقعها
وانقسامها على التلين تشبه
بمنازلها الكثيفة الرمانة المشقوقة.
ومن الكتاب البارزين الذين نشأوا