Page 254 - m
P. 254

‫العـدد ‪56‬‬                        ‫‪252‬‬

                                   ‫أغسطس ‪٢٠٢3‬‬

  ‫الاتهام نحوها فخافت وطمأنتها‬         ‫في الصحافة‪ .‬أخذتها من يدها‬     ‫يرأس تحريرها أحمد باشا ماهر‪.‬‬
  ‫أنا والتابعى بأن أح ًدا لن يعرف‬   ‫وقدمتها للأستاذ التابعى‪ ،‬فعينها‬   ‫بعد فترة قصيرة ترأست الصفحة‬
                                     ‫بمرتب ثلاثة جنيهات في الشهر‪،‬‬
      ‫أنها كاتبة المقال‪ ،‬وأنه يجب‬                                       ‫النسائية‪ ،‬حتى انتقلت إلى مجلة‬
     ‫أن تنكر وتصر‪ ،‬على الإنكار‪.‬‬         ‫كانت تتقاسمها مع شقيقتها‬         ‫آخر ساعة حين أنشأها محمد‬
 ‫وفوجئت بمحمد على علوبة باشا‬       ‫الصغرى عظيمة السعيد‪ ،‬في مقابل‬        ‫التابعى ومصطفى أمين والفنان‬
  ‫الوزير السابق‪ ،‬والمحامى الكبير‬                                        ‫صاروخان‪ ،‬وكان مقرها عبارة‬
‫وصديق الأسرة‪ ،‬يزورها في بيتها‬        ‫أن تتستر عليها‪ ،‬كلما ذهبت إلى‬    ‫عن حجرتين‪ ..‬ومكتبى مع الفنان‬
 ‫ويسألها‪ :‬هل أنت التى كتبت هذا‬                              ‫المجلة‪.‬‬
                                                                              ‫صاروخان رسام المجلة‪.‬‬
                         ‫المقال؟‬      ‫أول تحقيق صحفي‬                    ‫ويحكى الكاتب الكبير مصطفى‬
‫وكانت أمينة متأكدة أننا سنحميها‬
                                       ‫في فندق سان استيفانو برمل‬          ‫أمين عن أول تحقيق صحفي‬
                      ‫فقالت‪ :‬لا‪.‬‬         ‫الإسكندرية حمامان‪ ،‬حمام‬         ‫قامت بكتابته أمينة قائ ًل‪ :‬كنت‬
‫وعاد علوبة باشا لسألها‪ :‬هل أنت‬
                                      ‫للرجال فقط‪ ،‬وحمام للسيدات‪،‬‬           ‫يومئذ نائب رئيس التحرير‪،‬‬
                       ‫متأكدة؟‬       ‫وكان يتردد على حمام السيدات‬        ‫إلى جانب أننى كنت طالبًا بكلية‬
      ‫وأصرت أمينة على الإنكار‪.‬‬       ‫زوجة رئيس الوزراء‪ ،‬وزوجات‬        ‫الحقوق بنفس الجامعة‪ ،‬وكان من‬
‫وسألها فجأة‪ :‬ألا تعرفين التابعى‬                                         ‫رأيى أن تعمل الفتاة بالصحافة‪.‬‬
                                         ‫الوزراء‪ ،‬تدور بين زوجات‬          ‫ولم يكن لدينا في مصر يومئذ‬
                ‫ومصطفى أمين؟‬       ‫الوزراء أحاديث في السياسة‪ ،‬وما‬     ‫صحفية واحدة‪ .‬كان لدينا كاتبات‬
  ‫قالت أمينة‪ :‬لا أعرفهما‪ ..‬ولم أر‬                                      ‫مقالات‪ ،‬مثل مى زيادة‪ ..‬وباحثة‬
                                      ‫يقوله أزواجهن‪ .‬ودخلت أمينة‬          ‫البادية‪ ..‬ومنيرة ثابت‪ ،‬وكانت‬
     ‫وجه واحد منهما في يوم من‬      ‫حمام السيدات‪ ،‬وكانت زوجة كل‬
                         ‫الأيام!‬    ‫وزير تظن أن أمينة ابنة الأخرى‪.‬‬          ‫لدينا صاحبات صحف مثل‬
                                    ‫وكتبت موضو ًعا عن كل ما يدور‬      ‫بتسى تقلا أرملة سليم تقلا باشا‬
    ‫وقال علوبة باشا‪ :‬سأصدقك‪،‬‬                                          ‫صاحب الأهرام‪ ،‬وفاطمة اليوسف‬
   ‫ولكن الكاتبة التى ارتكبت هذه‬       ‫فى الحمام من أحاديث وأسرار‬
  ‫الفعلة كانت غبية‪ ،‬لأنها عرضت‬         ‫وأخبار‪ .‬وما كاد يصدر العدد‬          ‫صاحبة مجلة روز اليوسف‪،‬‬
   ‫نفسها لمشكلة أكبر منها‪ ،‬وكان‬    ‫حتى قامت الدنيا‪ ،‬واجتمع مجلس‬              ‫وكل هؤلاء يدرن الصحف‬
   ‫من الممكن أن يحدث لها ضرر‬        ‫الوزراء برئاسة عبد الفتاح يحيى‬
   ‫كبير‪ ،‬لولا موقف بعض الناس‬         ‫باشا ليبحث هذا التعدى الخطير‬        ‫ولا يزاولن الأعمال الصحفية‪.‬‬
                                    ‫على زوجات الوزراء‪ ،‬واتفقوا على‬      ‫شعرت من نشاط أمينة السعيد‬
                       ‫الطيبين‪.‬‬        ‫تعطيل المجلة فو ًرا‪ .‬واستدعوا‬    ‫في الجامعة وإتصالاتها الواسعة‬
  ‫وواصل الاستاذ مصطفى امين‬             ‫محمد لبيب عطية باشا النائب‬       ‫بجميع الأنشطة الجامعية‪ ،‬وقوة‬
   ‫حديثه قائ ًل‪ :‬واتصل بى بدوي‬         ‫العام ليضع الأسباب الثانوية‬     ‫شخصيتها‪ ،‬وحدة ذكائها‪ ،‬وخفة‬
‫خليفة بك وكيل الداخلية وسألنى‪:‬‬     ‫لقرار التعطيل‪ ،‬وجاء النائب العام‪،‬‬
    ‫من هى كاتبة المقال؟ فقلت له‪:‬‬     ‫وقرأ المقال الذي أغضبهم‪ ،‬وقال‬         ‫دمها‪ ،‬وقوة ملاحظاتها‪ ،‬أنها‬
   ‫إن الكاتب رجل وليست امرأة‪،‬‬       ‫إنه لا يجد فيه أى مخالفة لقانون‬     ‫تصلح أن تكون أول صحفية في‬
                                                                         ‫مصر تبحث عن الخبر‪ ،‬وتكتب‬
      ‫وأنه استمد معلومات المقال‬                          ‫العقوبات‪.‬‬
   ‫من زوجة أحد أصحاب المعالى‬           ‫تقرر البحث عن كاتب المقال‪..‬‬         ‫التحقيق الصحفى‪ ،‬وتحترف‬
  ‫الوزراء‪ ،‬وأننى لا أرغب في ذكر‬     ‫وقالت التقارير السرية إن طالبة‬             ‫الصحافة بمعنى الكلمة‪.‬‬
  ‫اسم الوزير حتى لا تحدث أزمة‬
    ‫وزارية‪ .‬وصدق وكيل وزارة‬              ‫في كلية الآداب أسمها أمينة‬     ‫عرضت عليها أن تعمل معى في‬
  ‫الداخلية هذه المعلومات السرية!‬      ‫السعيد‪ ،‬تتردد على إدارة مجلة‬        ‫مجلة آخر ساعة فترددت‪ ،‬ثم‬
 ‫واستمرت أمينة السعيد تعمل في‬      ‫آخر ساعة يوميًّا‪ ،‬وامتدت أصابع‬          ‫ألححت عليها فقبلت‪ ،‬ولكنها‬

           ‫أخر ساعة في الخفاء‪.‬‬                                          ‫طلبت أن تخفي اسمها‪ ،‬حتى لا‬
                                                                          ‫يعرف أبوها وأمها أنها تعمل‬
   249   250   251   252   253   254   255   256   257   258   259