Page 232 - ميريت الثقافية- العدد 21 سبتمبر 2020
P. 232

‫العـدد ‪21‬‬                                ‫‪230‬‬

                                         ‫سبتمبر ‪٢٠٢٠‬‬

  ‫الفترة الطويلة التي أصبح يمضيها‬        ‫عالية المستوى‪ ،‬والتفاعل الاجتماعي‪،‬‬        ‫شك أن ال ُمصطلحين ُيمثلان مشاعر‬
  ‫الأفراد في المنازل إلى تزايد حالات‬        ‫ويرى الباحثون أنه إذا تأثر تطور‬        ‫ُمزعجة وتجارب مؤلمـة للأفراد من‬
   ‫ال ُعنف ال ُأسري‪ ،‬وعلى اليد الأخرى‬       ‫هذه الخلايا وهذه المناطق بالمخ؛‬
  ‫َخ ِسر الأطفال الزيارات والأشخاص‬                                                  ‫أي ُعمر‪ ،‬كما أن ال ُعزلة الاجتماعية‬
                                          ‫يمكن للأطفال أي ًضا أن ُيعانوا العجز‬    ‫يمكن أن تكون باختيار الفرد‪ ،‬أي عن‬
       ‫الذين كانوا يستمعون لهم أو‬                ‫في هذه المناطق من الدماغ‪.‬‬         ‫تع ّمد ووعـي من الفرد الذي قرر أن‬
   ‫ُيساعدونهم في ِمثل هذه الحالات‪.‬‬
‫وال ُمحزن أي ًضا أن ما ُتسببه الأزمة لن‬    ‫تأثيرات الأزمة بشكل عام قد تبدو‬         ‫يعزل نفسه عن مجتمعه أو أن ُيقلل‬
‫يعم على جميع الأطفال بطريقة واحدة‬         ‫أكثر ِحدة على البالغين من الأطفال‪،‬‬         ‫من دائرة معارفه‪ ،‬ولكن ليس في‬
   ‫أو بشكل عادل‪ ،‬ففي بعض طبقات‬            ‫ولكن كما ذكرنا فإن التأثيرات التي‬
  ‫المجتمع سيكون ُهناك مجموعة من‬                                                     ‫حالة الأطفال‪ ،‬الذين ُيعاني بعضهم‬
  ‫الأطفال الذين لديهم مساحات أكبر‬           ‫تحدث على الأطفال قد تظهر على‬            ‫حاليًا من أشكال ال ُعزلة الاجتماعية‬
  ‫خاصة ِبهم‪ ،‬ووصول أكبر للألعاب‬           ‫مدى بعيد‪ ،‬ومن النادر أن يتم ربطها‬       ‫بسبب الأزمة الحالية‪ ،‬والتي قد تكون‬
 ‫ال ُمسلية وال ُمفيدة‪ ،‬وإمكانية الوصول‬                                            ‫نتائجها عليهم شبه دائمة وذات مدى‬
‫للإنترنت ومصادر التعلم‪ ،‬على عكس‬               ‫بحالات العزلة التي كان يعانيها‬
   ‫الأطفال الذين ينتمون لطبقات أقل‬         ‫الأفراد في وقت ُمبكر من حياتهم‪.‬‬                                  ‫بعيـد‪.‬‬
‫ح ًّظا والذين نأمل ألا ينتهي بهم الأمر‬     ‫والجدير بالذكر أن التوتر وحالات‬            ‫فبالنسبة للأطفال في سن ُمبكر‬
                                            ‫الاكتئاب التي قد تصيب الوالدين؛‬           ‫وفي مراحل المراهقة فإن ال ُعزلة‬
         ‫ُمتأثرين بشكل سلبي حاد‪.‬‬           ‫تنتقل وتؤثر على الأطفال‪ ،‬وبسؤال‬
   ‫كما أن ما سببته الأزمة ِمن توقف‬                                                        ‫الاجتماعية‪ ،‬أو قلة التواصل‬
  ‫حركات الطيران في العالم أدى إلى‬               ‫عينة من الأطفال والمراهقين‬         ‫الاجتماعي قد يؤدي لأضرار بعيدة‬
  ‫افتراق بعض العائلات‪ ،‬فعلى سبيل‬         ‫‪-‬تتراوح أعمارهم من ِست إلى سبعة‬
                                                                                        ‫المدى‪ ،‬فالأطفال الذين ُتفرض‬
                                            ‫عشر عا ًما‪ -‬عن آرائهم وتجاربهم‬            ‫عليهم ال ُعزلة؛ ُمع ّرضين لمشاكل‬
                                            ‫خلال أزمة الكورونا؛ كان الأطفال‬         ‫صحية حتى مراحل البلوغ‪ ،‬كما أن‬
                                         ‫الذين رأوا أن عائلاتهم غير ُمتوترين؛‬       ‫الدراسات التي أُجريت على ال ُعزلة‬
                                            ‫هم الذين رأوا أن الأزمة لها بع ُض‬       ‫الاجتماعية؛ أثبتت أن قلة العلاقات‬
                                            ‫الإيجابيات‪ ،‬وكانوا غير متوترين‪،‬‬          ‫والتعاملات الإجتماعية يؤثر سلبًا‬
                                           ‫بينما هؤلاء الذين رأوا أن عائلاتهم‬       ‫على تطور بنية العقل‪ ،‬وفي مراحل‬
                                          ‫في حالة من التوتر؛ هم الذين كانوا‬         ‫قد ُتعتبر أقل خطورة قد تؤثر على‬
                                            ‫متوترين بدورهم ووصفوا الأزمة‬              ‫التحصيل العلمي للأطفال لاح ًقا‪.‬‬
                                            ‫بأنها شيء ُمزعج وسيئ للغايـة‪.‬‬         ‫وبحسب دراسة أجريت على الفئران‬
                                          ‫كما أن الأزمة لن تؤثر على الأطفال‬       ‫وال ِقردة ال ِصغار في مراحل تطورهم‬
                                            ‫الذين يعيشونها فحسب‪ ،‬بل أي ًضا‬             ‫ال ُمبكرة بهدف التحقق أكثر من‬
                                             ‫هؤلاء الذين لم يولدوا بعد‪ ،‬فكما‬           ‫تأثيرات ال ُعزلة الاجتماعية على‬
                                           ‫هو ُمتعارف عليه فإن مشاعر الأب‬             ‫الوظائف الفسيولوجية‪ ،‬اكتشف‬
                                           ‫والأم تنتقل للجنين الذي مازال في‬       ‫الباحثون عجز في سلاسل التواصل‬
                                         ‫أطوار النمو الأولى‪ ،‬ولذلك ُيع ّد التوتر‬   ‫في نوع من الخلايا‪ ،‬وتعتمد وظيفة‬
                                         ‫والاكتئاب الذي قد ُيصيب الأم بالذات‬       ‫هذه الخلايا على التفاعل الاجتماعي‬
                                           ‫خطر على الأطفال الذين لم يولدوا‬          ‫لتطوير القشرة الجبهية‪ ،‬وهي جزء‬
                                                                                    ‫من المخ َمعني بالوظائف المعرفية‬
                                                  ‫بعد وحديثي الولادة أي ًضا‪.‬‬         ‫المتنوعة مثل‪ :‬التخطيط‪ ،‬والأفكار‬
                                          ‫كما أنه في بعض الحالات قد تؤدي‬
   227   228   229   230   231   232   233   234